للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لصلاةِ الجماعةِ؛ فإِنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكُنْ يتْرُكُ الجماعةَ لذلك، ويخْرُجُ لما لا بُدَّ له منه، فإنَّ أطالَ قَضاهُ، وإن كان يسيرًا فلا قَضاءَ عليه.

١٢٣٠ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا مَا يَخَافُ مَعَهُ نُشُوزَهَا وَعَظَهَا، فَإِنْ أَظْهَرَتْ نُشُوزًا هَجَرَهَا، فَإِنْ أَرْدَعَها، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا لَا يَكُونُ مُبَرِّحًا)

معنى النُّشُوزِ مَعْصيةُ الزَّوجِ فيما فرَضَ اللَّهُ عليها مِن طاعتِه، مأخوذٌ من النَّشْزِ، وهو الارْتفاعُ، فكأنَّها ارْتفَعتْ وتعالتْ عمَّا فَرَضَ (١) اللَّهُ عليها مِن طاعتِه، فمتى ظَهرتْ منها أمَاراتُ النُّشُوزِ، مثل أن تتثاقلَ وتُدَافِعَ إذا دعاها، ولا تصيرَ إليه إلَّا بِتَكَرُّهٍ ودَمْدَمَةٍ، فإنَّه يَعِظُها، فيُخَوِّفُها اللَّهَ سبحانَه، ويَذْكُرُ ما أوْجَبَ اللَّهُ له عليها مِن الحقِّ والطاعةِ، وما يلْحَقُها مِن الإثْمِ بالمُخالفةِ والمعصيةِ، وما يَسْقُطُ بذلك مِن حُقوقِها (٢)، مِن النَّفقةِ والكُسْوةِ، وما يُباحُ له من ضَرْبِها وهَجْرِها، لقول اللَّهِ تعالى: {وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} (٣). فإن أظْهرَتِ النُّشُوزَ، وهو (٤) أن تعْصِيَه، وتَمْتنعَ من فِراشِه، أو تخْرُجَ من منزلِه بغير إذْنِه، فله أن يهْجُرَها فى المَضْجَعِ، لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ} (٣). قال ابنُ عباسٍ: لا تُضاجِعْها فى فِرَاشِك (٥). فأمَّا الهِجْرانُ فى الكلامِ، فلا يجوزُ أكثرَ مِن ثلاثةِ أيَّامٍ؛ لما رَوَى أبو هُريرةَ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لَا يَحِلُّ لِمسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ" (٦). وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه ليس له ضَرْبُها فى النُّشُوزِ فى أوَّلِ مرَّةٍ. وقد رُوى عن أحمدَ: إذَا عَصَتِ


(١) فى أ، ب، م: "أوجب".
(٢) فى الأصل: "حقها".
(٣) سورة النساء ٣٤.
(٤) فى ب، م: "وهى".
(٥) أخرجه ابن جرير، فى: تفسير سورة النساء، آية ٣٤. تفسير الطبرى ٥/ ٦٣، ٦٤.
(٦) أخرجه مسلم، فى: باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعى، من كتاب البر. صحيح مسلم ٤/ ١٩٨٤. وأبو داود، فى: باب فى من يهجر أخاه المسلم، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>