للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى قولِه يثْبُتُ التَّحْريمُ، إلَّا أن يتَبَيَّنَ كَوْنُه رَجُلًا؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ كَوْنَه مُحَرِّمًا.

فصل: وإن ثابَ لامْرأةٍ لَبَنٌ من غيرِ وَطْءٍ، فأرْضَعَتْ به طِفْلًا، نَشَرَ الحُرْمةَ، في أظْهَرِ الرِّوايتَيْنِ. وهو قولُ ابنِ حامدٍ، ومذهبُ مالكٍ، والثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وكلِّ مَنْ يَحْفَظُ عنه ابنُ المُنْذِرِ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (٤٤). ولأنَّه لَبَنُ امرأةٍ فتَعَلَّقَ به التَّحْريمُ، كما لو ثاب بوَطْءٍ، ولأنَّ الْبانَ النِّساءِ خُلِقَتْ (٤٥) لغِذَاءِ الأطْفالِ، وإن كان هذا نادِرًا، فجِنْسُه مُعْتادٌ. والرّواية الثانية، لا يَنْشُرُ الحُرْمَةَ؛ لأنَّه نادِرٌ، لم تَجْرِ العادةُ به لِتَغْذِيةِ الأطْفالِ، فأشْبهَ لبنَ الرِّجالِ. والأَوَّلُ أصَحُّ.

فصل: إذا كان لرجلٍ خَمْسُ أُمّهاتِ أَوْلادٍ، له منهنَّ لَبَنٌ، فارْتَضَعَ طِفْلٌ من كلِّ واحدةٍ منهنَّ رَضْعةً، لم يَصِرْنَ أُمَّهاتٍ له، وصارَ المَوْلَى أبًا له. وهذا قولُ ابنِ حامدٍ؛ لأنَّه ارْتَضَعَ من لَبَنِه خَمْسَ رَضَعاتٍ. وفيه وجهٌ آخَرُ، لا تَثْبُتُ الأُبُوَّةُ؛ لأنَّه رَضاعٌ لم يُثْبتِ الأُمُومةَ، فلم يُثْبِتِ الأُبُوَّةَ، كالارْتِضاعِ بلَبَنِ الرَّجُلِ. والأَوّلُ أصَحُّ؛ فإنَّ الأُبُوَّةَ إنَّما تَثْبُتُ لكَوْنِه رَضَعَ من لَبَنِه، لا لكَوْنِ المُرْضِعةِ أُمًّا له. ولأصْحابِ الشافعيِّ وَجْهان، كهذَيْن. وإذا (٤٦) قُلْنا بثُبُوتِ الأُيُوَّةِ، حَرُمَتْ عليه المُرْضِعاتُ؛ لأنَّه رَبِيبُهُنَّ، وهُنَّ مَوْطُوءاتُ أبِيه. وإن كان لِرَجُلٍ خَمْسُ بناتٍ، فأَرْضَعْن طِفْلًا، كلُّ واحدةٍ رَضْعةً، لم يَصِرْنَ أُمَّهاتٍ له. وهل يَصِيرُ الرجلُ جَدًّا له، وأَوْلادُه أخْوالًا له وخالاتٍ (٤٧)؟ على وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، يَصِيرُ جَدًّا، وأخُوهُنَّ خالًا؛ لأنَّه قد (٤٨) كَمَلَ للمُرْتَضِعِ خَمْسُ رَضَعاتٍ من لَبَنِ بَناتِه أو أخَواتِه، فأشْبَهَ ما لو كان من واحدةٍ.


(٤٤) سورة النساء ٢٣.
(٤٥) في الأصل: "تخلق".
(٤٦) في ب: "وإن".
(٤٧) سقط من: الأصل.
(٤٨) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>