للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحُجَّ عن الغيرِ مَن شَرَعَ فى الحَجِّ قبلَ إتْمَامِه، ولا يَطُوفَ عن غيرِه مَن لم يَطُفْ عن نَفْسِه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ عليه رَدَّ ما أخَذَ من النَّفَقَةِ؛ لأنَّه لم يَقَعِ الحَجُّ عنه، فأشْبَهَ ما لو لم يَحُجَّ.

فصل: وإن أحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ أو نَذْرٍ مَن لم يَحُجَّ حَجَّةَ الإسلامِ، وَقَعَ عن حَجَّة الإسلامِ. وبهذا قال ابنُ عمرَ، وأنَسٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: يَقَعُ ما نَوَاهُ. وهو رِوَايَةٌ أُخْرَى عن أحمدَ، وقَوْلُ أبي بكرٍ، لما تَقَدَّمَ. ولَنا، أنَّه أحْرَمَ بالحَجِّ وعليه فَرْضُه، فوَقَعَ عن فَرْضِه كالمُطْلَقِ. ولو أحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ، وعليه مَنْذُورَةٌ، وقَعَتْ عن المَنْذُورَةِ؛ لأنَّها واجبَةٌ، فهى كحَجَّةِ الإسلامِ، والعُمْرَةُ كالحَجِّ فيما ذَكَرْنَا؛ لأنَّها أحَدُ النُّسُكَيْنِ، فأشْبَهَتِ الآخَرَ، والنَّائِبُ كالمَنُوبِ عنه فى هذا، فمتى أَحْرَمَ النّائِبُ بِتَطَوُّعٍ، أو نَذْرٍ عَمَّنْ لم يَحُجّ حَجَّةَ الإسلامِ، وَقَعَتْ عن حَجَّةِ الإسلامِ؛ لأنَّ النَّائِبَ يَجْرِى مَجْرَى المَنُوبِ عنه. وإن اسْتَنابَ رَجُلَيْنِ فى حَجَّةِ الإسْلامِ، ومَنْذُورٍ أو تَطوُّعٍ، فأيُّهما سَبَقَ بالإِحْرامِ، وَقَعَتْ حَجَّتُه عن حَجَّةِ الإسْلامِ، وتَقَعُ الأُخْرَى تَطَوُّعًا، أو عن النَّذْرِ؛ لأنَّه لا يَقَعُ الإِحْرامُ عن غيرِ حَجَّةِ الإسلامِ، ممَّن هى عَليه، فكذلك مِن نَائِبِه.

فصل: إذا كان الرجلُ قد أسْقَطَ فَرْضَ أحدِ النُّسُكَيْنِ عنه، دُونَ الآخَرِ، جازَ أنْ يَنُوبَ عن غيرِه، فيما أَدَّى فَرْضَه دُونَ الآخَرِ. ولَيْسَ لِلصَّبِىِّ والعَبْدِ أن يَنُوبَا فى الحَجِّ عن غَيْرِهما؛ لأنَّهما لم يُسْقِطَا فَرْضَ الحَجِّ عن أنْفُسِهِما، فهما كالحُرِّ البالِغِ فى ذلك، وأوْلَى منه. ويَحْتَمِلُ أنَّ لهما النِّيَابَةَ فى حَجِّ التَّطَوُّعِ دون الفَرْضِ؛ لأنَّهما من أهْلِ التَّطَوُّعِ دون الفَرْضِ، ولا يُمْكِنُ أن تَقَعَ الحَجَّةُ التى نَابَا فيها عن فَرْضِهِما؛ لِكَوْنِهما ليسا من أهْلِه، فبَقِيَتْ لمن فُعِلَتْ عنه. وعلى هذا لا يَلْزَمُهما

<<  <  ج: ص:  >  >>