للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّريفُ أبو جَعْفرٍ، وأبو الخَطَّابِ، أنَّه يُقْضَى على الغائبِ المُمْتنِعِ. وهو مذهبُ (١٥) الشَّافعىِّ؛ لأنَّه تعذرَ حُضورُه وسُؤالُه، فجاز القضاءُ عليه، كالغائبِ البعيدِ، بل هذا أوْلَى؛ لأنَّ البَعِيدَ مَعْذورٌ، وهذا لا عُذْرَ له. وقد ذكرْنا فيما تقدَّم شيئًا مِن هذا.

١٨٧٩ - مسألة (١)؛ قال: (وَإذَا أتَاهُ شَرِيكَانِ فِى رَبْعٍ أوْ نَحْوِهِ، فَسَألَاهُ أنْ يَقْسِمَهُ (٢) بَيْنَهُمَا، قَسَمَهُ (٣)، وَأثْبَتَ فِى الْقَضِيَّةِ بذَلِك، أنَّ قَسْمَهُ إيَّاهُ بَيْنَهُمَا كَانَ عَنْ إقْرَارِهِمَا، لَا عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُمَا بِمِلْكِهِمَا)

الأصلُ في القِسمةِ قولُ اللهِ تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} (٤) وقولُه تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} (٥) الآية. وقولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ" (٦). وقَسَّمَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ على ثمانيةَ عَشرَ سَهمًا (٧)، وكان يَقْسِمُ الغنائمَ (٨). وأجْمَعتِ الأمَّةُ على جَوازِ القِسْمةِ، ولأنَّ بالنَّاسِ حاجةً إلى القِسْمةِ؛ ليَتمَكَّنَ كلُّ واحدٍ من الشُّركاءِ من (٩) التَّصرُّفِ على إيثارِه، ويَتخلَّصَ من سوءِ المُشاركةِ وكثرةِ الأيْدِى. إذا ثبتَ هذا، [فإنَّ الشريكيْنِ في أىِّ شىءٍ] (١٠) كان، رَبعًا أو غيرَه -والرَّبْعُ: هو العَقارُ مِن الدُّورِ


(١٥) في م: "قول".
(١) قبل هذه المسألة في م زيادة: "كتاب القسمة". ثم ورد بعد ذلك من قوله في أول شرح المسألة: "الأصل في القسمة. . ."، إلى آخر قوله: "وكثرة الأيدى". ثم تأتى مسألة مختصر الخرقي.
(٢) في الأصل، ب: "يقسمها".
(٣) في الأصل: "قسمها". وفي ب: "فقسمها".
(٤) سورة القمر ٢٨.
(٥) سورة النساء ٨.
(٦) تقدم تخريجه، في: ٧/ ٤٣٥.
(٧) أخرجه أبو داود، في: باب في من أسهم له سهما، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٦٩، ٧٠. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٢٠.
(٨) انظر: ما تقدم في: ٤/ ١٨٩، ١٩٠، ٩/ ٣١٨، ١٣/ ٤٦.
(٩) في الأصل: "فى".
(١٠) في الأصل: "في شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>