للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضى. وقال أبو الخَطَّابِ: فى ذلك وَجْهانِ. وللشَّافعىِّ فيه قَوْلانِ؛ أحدُهما، لا يَسقطُ حقُّها؛ لأنَّها سافَرتْ بإذْنِه، أشْبَهَ ما لو سافَرتْ معَه. ولَنا، أَنَّ القَسْمَ للأُنْسِ، والنَّفقةَ للتَّمْكينِ من الاسْتِمْتاعِ، وقد تعذَّرَ ذلك بسبَبٍ من جِهَتِها، فسقَطَ، كما لو تعذَّرَ ذلك قبلَ دُخولِه بها. وفارَقَ ما إذا سافَرتْ معَه؛ لأنَّه لم يتعذَّرْ ذلك. ويَحْتَمِلُ أن يسْقُطَ القَسْمُ، وجهًا واحدًا؛ لأنَّه لو سافرَ عنها لَسقطَ قَسْمُها، والتَّعَذُّرُ مِن جِهَتِه، فإذا تعذَّرَ من جهتِها بسَفَرِها، كان أوْلَى، ويكونُ فى النَّفقةِ الوَجْهانِ (٢). وفى هذا تَنْبيهٌ على سُقوطِهما إذا سافَرتْ بغيرِ إذنِه، فإنَّه إذا سقَطَ حقُّها من ذلك لعَدَمِ التَّمْكِينِ بأمرٍ ليس فيه نُشوزٌ ولا مَعْصِيَةٌ، فَلأنْ يَسْقُطَ بالنُّشوزِ والمعصيةِ أوْلَى. وهذا لا خلافَ فيه نعْلمُه. فأمَّا إنْ أشْخَصَها (٣)، وهو أن (٤) يبعثَها لحاجتِه، أو يأمرَها بالنُّقْلَةِ مِن بلدِها، لم يَسْقُطْ حقُّها من نَفَقةٍ ولا قَسْمٍ؛ لأنَّها لم تُفَوِّتْ عليه التَّمْكِينَ، ولا فاتَ مِن جِهَتِها، وإنَّما حصَلَ بتَفْوِيتِه، فلم يَسْقُطْ حقُّها، كما لو أتْلَفَ المُشْتَرِى المبيعَ، لم يَسْقُطْ حقُّ البائعِ من تسْليمِ ثمنِه إليه. فعلَى هذا، يَقْضِى لها بحَسَبِ ما أقام عندَ ضَرَّتِها. وإن سافرتْ معَه، فهى على حقِّها منهما جميعًا.

١٢٢٨ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا، فَلَا يَخرُجُ مَعَهُ مِنْهُنَّ إِلَّا بِقُرْعَةٍ، فَإِذَا قَدِمَ ابْتَدأَ الْقَسْمَ بَيْنَهُنَّ)

وجملتُه أَنَّ الزَّوْجَ إذا أرادَ سفرًا، فأحَبَّ حَمْلَ نسائِه معَه كلِّهِنَّ، أو تَرْكَهُنَّ كُلَّهُنَّ، لم يَحْتَجْ إلى قُرْعةٍ؛ لأَنَّ القُرْعةَ لتعْيِينِ المخْصُوصةِ منهُنَّ بالسَّفَرِ، وهاهُنا قد سَوَّى، وإن أرادَ السَّفَرَ ببعْضِهِنَّ، لم يَجُزْ له أن يُسافِرَ بها إلَّا بقُرْعةٍ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ.


(٢) فى أ: "وجهان".
(٣) فى ب، م: "شخصها".
(٤) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>