للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢٦ - مسألة؛ قال: (وإذا خَفِىَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ من الثَّوْبِ اسْتَظْهَرَ، حتى يَتَيَقَّنَ أن الغَسْلَ قد أَتَى [عَلَى النَّجَاسَةِ] (١))

وجُمْلَتُه أنَّ النَّجَاسةَ إذا خَفِيتْ في بَدَنٍ أو ثَوْبٍ، وأرَادَ الصَّلاةَ فيه، لم يَجُزْ له ذلك حتَّى يَتَيَقَّنَ زَوَالَها، ولا يَتَيَقَّنُ ذلك حتَّى يَغْسِلَ كُلَّ مَحَلٍّ يحتمِلُ أن تكونَ (٢) النَّجَاسَةُ أصَابَتْه، فإذا لم يَعْلَمْ جِهَتَها من الثَّوْبِ غَسَلَه كُلَّه. وإن عَلِمَها في إحْدَى جهَتَيْه غسلَ تِلْكَ الجِهَة كُلَّها. وإن رَآها لنى بَدَنِه، أو ثَوْبٍ هو (٣) لابِسُه، غسلَ كُلَّ ما يُدْرِكُه بَصَرُه من ذلك. وبهذا قال النَّخَعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، ومَالِكٌ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال عَطَاءٌ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ: إذا خَفِيَتِ النَّجَاسَةُ في الثَّوْبِ نَضَحَهُ كُلَّه. وقال ابنُ شُبْرُمَةَ: يَتَحَرَّى مَكَانَ النَّجَاسَةِ فَيَغْسِلَه. ولعلَّهم يَحْتَجُّونَ بحديثِ سَهْلِ بن حُنَيْفٍ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المَذْىِ، قال: قلتُ، يا رسولَ اللهِ فكيف بما أصَابَ ثَوْبِى منه؟ قال: "يُجْزِئُكَ أن تَأْخُذَ كَفًّا من ماءٍ، فَتَنْضَحَ بِهِ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنْهُ" (٤). فأمَرَهُ بالتَّحَرِّى والنَّضْحِ. ولَنا، أنَّه مُتَيَقِّنٌ لِلْمَانِعِ من الصَّلاةِ. فلم تُبَحْ له الصَّلاةُ إلَّا بِتَيَقُّنِ زَوَالِه، كمَن تَيَقَّنَ الحَدَثَ وشَكَّ في الطَّهارةِ، والنَّضْحُ لا يُزِيلُ النَّجاسةَ، وحَدِيثُ سَهْلٍ في المَذْىِ دُونَ غيرِه، فلا يُعَدَّى، لأنَّ أحْكَامَ النَّجَاسَةِ تَخْتَلِفُ. وقوله: "حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنهُ". مَحْمُولٌ على مَن ظَنَّ أنَّه أصابَ ناحِيَةً من ثَوْبِه، مِن غيرِ يَقِينٍ (٥)، فَيُجْزِئُه نَضْحُ المكانِ أو غَسْلُه.

فصل: وإنْ خَفِيَتِ النَّجاسةُ في فَضاءٍ وَاسِعٍ، صَلَّى حيثُ شاءَ، ولا يَجبُ غَسْلُ جَمِيعِه؛ لأنَّ ذلك يَشُقُّ، فلو مُنِعَ من الصَّلاةِ أَفْضَى إلى أنْ لا يَجِدَ مَوْضِعًا يُصَلِّى فيه، فأمَّا إنْ كانَ مَوْضِعًا صَغِيرًا، كَبَيْتٍ ونَحْوِه، فإنَّه يَغْسِلُه كُلَّه؛ لأنَّه لا يَشُقُّ غَسْلُه، فأشْبَهَ الثَّوْبَ.


(١) في الأصل: "عليه".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في أ، م: "وهو".
(٤) تقدم في ١/ ٢٣٣.
(٥) في أ، م: "تيقن".

<<  <  ج: ص:  >  >>