للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَحْلِيلٍ، فكان لها نُطْقٌ وَاجِبٌ كالصلاةِ، ولأنَّ الهَدْىَ والأُضْحِيَةَ لا يَجِبانِ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كذلك النُّسُكُ. ولَنا، أنَّها عِبادَةٌ ليس في آخِرِها نُطْقٌ وَاجِبٌ، فلم يَكُنْ في أوَّلِها، كالصيامِ، والخَبَرُ المُرادُ به الاسْتِحْبَابُ، فإنَّ مَنْطُوقَه رَفعُ الصَّوْت، ولا خِلافَ في أنَّه غيرُ واجِبٍ، فما هو من ضَرُورَتِه أوْلَى، ولو وَجَبَ النُّطقُ، لم يَلْزَمْ كَوْنُه شَرْطًا، فإنَّ كَثِيرًا من وَاجِبَاتِ الحَجِّ غيرُ مُشْتَرَطة فيه، والصلاةُ في آخِرِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ، بخِلافِ الحَجِّ والعُمْرَةِ. وأمَّا الهَدْىُ والأُضْحِيةُ، فإيجابُ مالٍ، فأشْبَهَ النَّذْرَ، بخِلافِ الحَجِّ، فإنَّه عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ. فعلى هذا لو نَطَقَ بغيرِ ما نَوَاهُ، نحو أن يَنْوِىَ العُمْرَةَ، فيَسْبِقَ لِسَانُه إلى الحَجِّ، أو بالعَكْسِ، انْعَقَدَ ما نَوَاهُ دُونَ ما لَفَظَ به. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ، على هذا. وذلك لأنَّ الوَاجِبَ النِّيَّةُ، وعليها الاعْتِمادُ، واللَّفْظُ لا عِبْرَةَ به، فلم يُؤَثِّرْ، كما لا يُؤَثِّرُ اخْتِلافُ النِّيَّةِ فيما يُعْتَبَرُ له اللَّفْظُ دُونَ النِّيَّةِ.

فصل: فإنْ لَبَّى، أو سَاقَ الهَدْىَ، مِن غيرِ نِيَّةٍ، لم يَنْعَقِدْ إحْرَامُه؛ لأنَّ ما اعْتُبِرَتْ له النِّيَّةُ يَنْعَقِدْ بِدُونِها، كالصومِ والصلاةِ، واللهُ أعلمُ.

٥٥٩ - مسألة؛ قال: (ويَشْتَرِطُ فَيَقُولُ: إنْ حَبَسَنِى حَابِسٌ فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي. فَإنْ حُبِسَ حَلَّ مِنَ المَوْضِعِ الَّذِى حُبِسَ فيهِ (١)، ولَا شَىْءَ عَلَيْهِ)

يُسْتَحَبُّ لمن أحْرَمَ بِنُسُكٍ، أن يَشْتَرِطَ عندَ إحْرَامِه، فيقولَ: إنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ، فمَحلِّي حيثُ حَبَسْتَنِي (٢). ويُفِيدُ هذا الشَّرْطُ شَيْئَيْنِ: أحدُهما، أنَّه إذا


ابن ماجه، في: باب رفع الصوت بالتلبية، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٧٥. والدارمي، في: باب في رفع الصوت بالتلبية، من كتاب المناسك. سنن الدارمي ٢/ ٣٤. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٥٥.
(١) سقط من: أ، ب، م.
(٢) في أ، ب: "حبسنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>