للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْعَها منه، كالتَّزْويجِ بغيرِ كُفْءٍ. فأمَّا إن (١٢) اتَّفَقَا على ذلك، ورَضِيَا به، جازَ، وصَحَّ النِّكاحُ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، ولا يَخْرُجُ عنهما. ويُكْرَهُ لهما ذلك؛ لما ذَكَره الإِمامُ أبو عبدِ اللَّه، من أنَّها وإن (١٣) رَضِيَتِ الآن، تكرهُه (١٤) فيما بعدُ. ويَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَ سائرُ الأوْلياءِ الاعْتِراضَ [عليها ومَنْعَها] (١٥) من هذا التَّزْويج؛ لأنَّ العارَ يلْحَقُهم (١٦)، ويَنَالُهم الضَّرَرُ، فأشْبَهَ ما لو زَوَّجَها بغيرِ كُفْءٍ. فأمَّا إِن حَدَثَ العَيْبُ بالزَّوْجِ، ورَضِيَتْه المرأةُ، لم يَمْلِكْ وَلِيُّها إجْبارَها على الفَسْخِ؛ لأنَّ حَقَّه فى ابْتِداءِ العَقْدِ لا فى دَوَامِه، ولهذا لو دَعَتْ وَلِيَّها إلى تَزْوِيجِها بعَبْدٍ لم يَلْزَمْه إجابَتُها، ولو عَتَقَتْ تحتَ عَبْدٍ، لم يَملِكْ إجْبارَها على الفَسْخِ.

١١٨٣ - مسألة؛ قال: (وإذا عَتَقَتِ الأَمَةُ، وزَوْجُها عَبْدٌ، فَلَهَا الْخِيارُ فى فَسْخِ النِّكَاحِ)

أجْمَعَ أهلُ العلمِ على هذا، ذَكَره ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وغيرُهما. والأصْلُ فيه خَبَرُ بَرِيرةَ، قالت عائشةُ: كاتَبَت بَرِيرَةُ، فخَيَّرها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى زَوْجِها، وكان عَبْدًا، فاخْتارَتْ نَفْسَها. قال عُرْوَةُ: ولو كان حُرًّا ما خَيَّرَهَا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. رواه مالكٌ، [فى "المُوَطَّأِ"] (١)، وأبو داودَ، والنَّسَائِىُّ (٢). ولأنَّ عليها ضَرَرًا فى كَوْنِها حُرَّةً تحت


(١٢) فى م: "إذا".
(١٣) فى أ، ب: "إن".
(١٤) فى الأصل، م: "تكره".
(١٥) فى أ, ب، م: "عليهما ومنعهما".
(١٦) فى أ، ب، م: "يلحق بهم".
(١) سقط من: م.
(٢) تقدم تخريج حديث بريرة، عند تخريج قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الولاء لمن أعتق"، وتخريجه فى هذه المسألة حسب الاستدلال به، من حيث كانت تحت حر أو عبد.
وما ورد هنا أخرجه مالك، فى: باب ما جاء فى الخيار، من كتاب الطلاق. الموطأ ٢/ ٥٦٢. وأبو داود، فى: باب فى المملوكة تعتق. . .، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٧. والنسائى، فى: باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١٣٥.
كما أخرجه البخارى، فى: باب بيع الولاء وهبته، من كتاب العتق, وفى: باب لا يكون بيع الأمة طلاقا، من كتاب الطلاق, وفى: باب الأدم، من كتاب الأطعمة, وفى: باب ميراث السائبة, وباب إذا أسلم على يديه, من كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>