للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَلْزمُ منه جَوازُ الدَّفْع إليه، فإنَّه لو رجَعَ عليها لَرجعتْ على العبدِ، وتعلَّقَ حقُّها برقبتِه، وهى مِلْكٌ للسَّيِّدِ، فلا فائدةَ فى الرُّجوعِ عليها بما تَرجِعُ به على مالِه. وإن سلَّمتِ (٣) العِوَضَ إلى المحْجورِ عليه، لم تَبْرَأ، فإنْ أخذَه الوَلِىُّ منه، بَرئَتْ، وإن أتْلَفَه، أو تَلِفَ، كان لوَلِيِّه الرُّجوعُ عليها به.

فصل: وقد تَوَقَّفَ أحمدُ فى طلاقِ الأبِ زَوجةَ ابنِه الصَّغيرِ، وخُلْعِه إيَّاها، وسألَه أبو الصَّقْرِ عن (٤) ذلك، فقال: قد اختُلِفَ فيه. وكأنَّه رآه. قال أبو بكرٍ: لم يَبلُغْنِى فى هذه المسألةِ إلا ما روَاه أبو الصَّقْرِ، فيُخرَّجُ على قَوْلين؛ أحدهما، يَملكُ ذلك. وهو قولُ عَطاءٍ، وقَتادةَ؛ لأنَّ ابنَ عمرَ طلَّقَ على ابنٍ له مَعْتُوهٍ. روَاه الإمامُ أحمد (٥). وعن عبدِ اللَّهِ بن عمرٍو، أَنَّ المَعْتُوهَ إذا عَبَثَ بأهلِه، طلَّقَ عليه وَلِيُّه. قال عمرو بنُ شُعَيْبٍ: وجدنا ذلك فى كتابِ عبدِ اللَّه بنِ عمرٍو (٦). ولأنه يَصحُّ أن يُزَوِّجَه، فصَحَّ أن يُطَلِّقَ عليه، إذا لم يكنْ مُتَّهَمًا، كالحاكمِ يَفْسخَ للإعسارِ، ويُزَوِّجُ الصَّغيرَ. والقولُ الآخرُ، لا يَمْلِكُ ذلك. وهو قول أبى حنيفةَ، والشَّافعىِّ؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ". رواه ابنُ مَاجه (٧). وعن عمرَ، أنَّه قال: إنَّما الطَّلاقُ بيدِ الذى يَحِلُّ له الفَرْجُ (٨). ولأنَّه إسْقاط لحقِّه. فلم يَمْلِكْه، كالإِبْراءِ مِنَ الدَّينِ، وإسْقاطِ القِصَاصِ، ولأنَّ طريقَه الشَّهْوةُ، فلم يَدخُلْ فى الولَايَةِ. والقولُ فى زوجةِ عبدِه الصَّغيرِ، كالقولِ فى زَوجةِ أبيه الصَّغيرِ؛ لأنَّه فى مَعْناه.


(٣) فى ب، م: "أسلمت".
(٤) فى الأصل، ب، م: "على".
(٥) لم نجده فى المسند وغيره.
(٦) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى المجنون والمعتوه، يجوز لوليه أن يطلق عليه؟ من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٣٣.
(٧) تقدم تخريجه فى: ٩/ ٤٢١.
(٨) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب طلاق العبد بيد سيده، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>