على اللُّقَطةِ أَوْلَى من قِيَاسِه على غيرِها؛ لأنَّ اللَّقِيطَ لُقَطَةٌ أيضًا. وإن كان لأحَدِهِما بَيِّنَةٌ، قُدِّمَ بها. وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بَيِّنةٌ، قُدِّمَ أسْبَقُهُما تارِيخًا؛ لأنَّ الثانِىَ إنما أخَذَ ممَّن قد ثَبتَ الحَقُّ فيه لغيرِه. وإن اسْتَوَى تارِيخُهُما، أو أُطْلِقَتَا معًا، أو أُرِّخَتْ إحْداهُما وأُطْلِقَتِ الأُخْرَى، فقد تَعَارَضَتَا. وهل يَسْقُطانِ أو يُسْتَعْمَلانِ؟ فيه وَجْهانِ؛ أحدهما، يَسْقُطانِ، فيَصِيرَانِ كمن لا بَيِّنَةَ لهما. والثاني، يُسْتَعْمَلانِ، ويُقْرَعُ بينهما، فمن قَرَعَ صاحِبَه كان أَوْلَى. وسَنَذْكُرُ ذلك في بابِه، إن شاءَ اللَّه تعالى. وإن كان اللَّقِيطُ في يَدِ أحَدِهما، فهل تُقَدَّمُ بَيِّنَتُه على بَيِّنةِ الآخَر، أوَ تُقَدَّم بَيِّنة الخارِجِ؟ فيه وَجْهانِ، مَبْنِيّانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في دَعْوَى المالِ. وإن كان أحدُ المُتَدَاعِيَيْنِ ممَّن لا تُقَرُّ يَدُه على اللَّقِيطِ، أُقِرَّ في يَدِ الآخَر، ولم يُلْتَفَتْ إلى دَعْوَى من لا يُقَرُّ في يَدِه بحالٍ.
يعني إذا ادُّعِىَ نَسَبُه، فلا تَخْلُو دَعْوَى نَسَبِ اللَّقِيطِ من قِسْمَيْنِ؛ أحدهما، أن يَدَّعِيَه واحدٌ يَنْفَرِدُ بِدَعْوَاه، فيُنْظَرُ؛ فإن كان المُدَّعِى رَجُلًا مُسْلِمًا حُرًّا، لَحِقَ نَسَبُه به، بغير خِلَافٍ بين أهْلِ العِلْمِ، إذا أمكنَ أن يكونَ منه؛ لأنَّ الإِقْرَارَ مَحْضُ نَفْعٍ للطِّفْلِ لِاتِّصَالِ نَسَبه، ولا مَضَرَّةَ على غيرِه فيه، فَقُبِلَ، كما لو أقَرَّ له بمالٍ. ثم إن كان المُقِرُّ به مُلْتَقِطَه، أُقِرَّ في يَدِه. وإن كان غيرَه، فله أن يَنْتَزِعَه من المُلْتَقِطِ؛ لأنَّه قد ثَبَتَ أنَّه أبُوه، فيكونُ أحَقَّ بوَلَدِه، كما لو قامَتْ به بَيِّنةٌ. وإن كان المُدَّعِى له عَبْدًا، لَحِقَ به أيضًا؛ لأنَّ لمائِه حُرْمَةً، فلَحِقَ به نَسَبُه كالحُرِّ. وهذا قولُ الشافِعيِّ، وغيرِه، غيرَ أنَّه لا تَثْبُتُ له حَضَانَةٌ؛ لأنَّه مَشْغُولٌ بخِدْمةِ سَيِّدهِ، ولا تَجِبُ عليه نَفَقَتُه؛ لأنَّه لا مالَ له، ولا على سَيِّدِه؛ لأنَّ الطِّفْلَ مَحْكُومٌ بحُرِّيَّتِه، فتكونُ نَفَقَتُه في بَيْتِ المالِ. وإن كان المُدَّعِى ذِمِّيًّا، لَحِقَ به؛ لأنَّه أقْوَى من العَبْدِ في ثُبُوتِ الفِرَاشِ، فإنَّه يَثْبُتُ