للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بالنِّكاحِ والوَطْءِ في المِلْكِ. وقال أبو ثَوْرٍ: لا يَلْحَقُ به؛ لأنَّه مَحْكُومٌ بإسْلَامِه. ولَنا، أنَّه أَقَرَّ بِنَسَبِ مَجْهُولِ النَّسَبِ، يُمْكِنُ أن يكونَ منه، وليس في إقْرَارِه إضْرَارٌ بغيرِه، فيثْبُتُ إقْرَارُه، كالمُسْلِمِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَلْحَقُ به في (٢) النَّسَبِ لا في الدِّينِ، ولا حَقَّ له في حَضَانَتِه. وقال الشافِعِيُّ، في أحَدِ قَوْلَيْه: يَتْبَعُه في دِيِنه؛ لأنَّ كلَّ [ما لَحِقَه في نَسَبِه يَلْحَقُ به في دِينَه] (٣)، كالبَيِّنةِ، إلا أنَّه يُحالُ بَيْنَه وبَينَه، ولَنا، أنَّ هذا حُكِمَ بإسْلَامِه، فلا يُقْبَلُ قولُ الذِّمِّيِّ في كُفْرِه، كما لو كان مَعْرُوفَ النَّسَبِ؛ ولأنَّها دَعْوَى تُخالِفُ الظاهِرَ، فلم تُقْبَلْ بمُجَرَّدِها، كَدَعْوَى رِقِّه، ولأنَّه لو تَبِعَه في دِينِه لم يُقْبَلْ إقْرارُه بِنَسَبِه؛ لأنَّه يكونُ إضْرَارًا به، فلم تُقْبَلْ، كدَعْوَى الرِّقِّ. أمَّا مُجَرَّدُ (٤) النَّسَبِ بدون اتِّباعِه في الدِّينِ، فمَصْلَحَةٌ عارِيَةٌ عن الضَّرَرِ، فقُبِلَ قَوْلُه فيه. ولا يجوزُ قَبُولُه فيما هو أعْظَمُ؛ الضَّرَرُ، والخِزْىُ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ. وإن كان المُدَّعِى امْرَأةً، فاخْتَلَفَ (٥) عن أحْمدَ، رَحِمه اللَّه، فرُوِىَ أنَّ دَعْواها (٦) تُقْبَلُ، ويَلْحَقُها نَسَبُه؛ لأنَّها أحَدُ الأبَوَيْنِ، فيثْبُتُ (٧) النَّسَبُ بِدَعْوَاها، كالأبِ، ولأنَّه يُمْكِنُ أن يكونَ منها، كما [يُمْكِنُ أن] (٨) يكونَ وَلَدَ الرَّجُلِ، بل أكْثَرُ؛ لأنَّها تَأْتِى به من زَوْجٍ، وَوَطْءٍ بِشُبْهةٍ، ويَلْحَقُها وَلَدُها من الزِّنَى دون الرَّجُلِ، ولأنَّ في قِصَّةِ داودَ وسليمانَ، عليهما السلامُ، حين تَحَاكَمَ إليهما امْرَأتانِ كان لهما ابْنانِ، فذَهَبَ الذِّئْبُ بأحَدِهِما، فادَّعَتْ كلُّ واحدةٍ منهما أنَّ الباقِىَ ابْنُها، وأن الذي أخَذَه الذِّئْبُ ابنُ الأُخْرَى، فحَكَمَ به


(٢) في م: "من".
(٣) في الأصل: "ما لحق به نسبه لحق به في دينه".
(٤) في م: "بمجرد".
(٥) أي النقل.
(٦) في م: "دعوتها".
(٧) في م: "فثبت".
(٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>