للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داوُدُ لِلْكُبْرَى، وحَكَمَ به سليمانُ للأُخْرَى، بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى منهما (٩). وهذا قولُ بعضِ أصْحابِ الشافِعِيِّ. فعلَى هذه الرِّوَايةِ، يَلْحَقُ بها دون زَوجِها؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يَلْحَقَه نَسَبُ وَلَدٍ لم يُقِرَّ به. وكذلك إذا ادَّعَى الرَّجُلُ نَسَبَه، لم يَلْحَقْ بِزَوْجَتِه. فإن قِيلَ: الرَّجُلُ يُمْكِنُ أن يكونَ له وَلَدٌ من امْرأةٍ أخرى، أو من أمَتِه، والمَرْأةُ لا يَحِلُّ لها نِكَاحُ غيرِ زَوْجِها، ولا يَحِلُّ وَطْؤُها لغيرِه. قُلْنا: يُمْكِنُ أن تَلِدَ من وَطْءِ شُبْهةٍ أو غيرِه. وإن كان الوَلَدُ يَحْتَمِلُ أن يكونَ مَوْجُودًا قبلَ [أن يَتَزَوَّجَها هذا] (١٠) الزَّوْجُ، أمْكَنَ أن يكونَ من زَوْجٍ آخَرَ. فإن قيل: إنَّما قُبِلَ الإِقْرَارُ بالنَّسَبِ من الزَّوْجِ، لما فيه من المَصْلَحةِ، بِدَفْعِ العارِ عن الصَّبِيِّ، وصِيَانَتِه عن النَّسْبَةِ إلى كونِه وَلَدَ زِنًى، ولا يَحْصُلُ هذا بإلْحاقِ نَسَبِه بالمَرْأةِ، بل في (١١) إلْحاقِه (١٢) بها دُونَ زَوْجِها تَطَرُّقُ العارِ (١٣) إليه وإليها، قُلْنا: بل قَبِلْنا دَعْوَاه؛ لأنَّه يَدَّعِى حَقًّا لا مُنازِعَ له فيه، ولا مَضَرَّةَ على أحدٍ فيه، فَقُبِلَ قولُه فيه، كدَعْوَى المالِ، وهذا مُتَحَقّقٌ في دَعْوَى المَرْأةِ. والرِّوَاية الثانية، أنَّها إن كان لها زَوْجٌ، لم يَثْبُت النَّسَبُ بدَعْوَاها، لإِفْضائِه إلى إلْحاقِ النَّسَبِ بِزَوْجِها بغيرِ إقْرَارِه ولا رِضَاه، أو إلى أنَّ (١٤) امْرأتَه وُطِئَتْ بِزِنًى أو بِشُبْهَةٍ (١٥)، وفى ذلك ضَرَرٌ عليه، فلا يُقْبَلُ قَوْلُها فيما يُلْحِقُ الضَّرَرَ به. وإن لم يكنْ لها زَوْجٌ، قُبِلَتْ دَعْوَاها لِعَدَمِ هذا الضَّرَرِ. وهذا أيضًا وَجْهٌ لأصْحابِ الشافِعِيِّ. والرِّوايةُ الثالثةُ،


(٩) أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ. . .}، من كتاب الأنبياء، وفى: باب إذا ادعت المرأة ابنا، من كتاب الفرائض. صحيح البخاري ٤/ ١٩٨، ٨/ ١٩٤، ١٩٥. والنسائي، في: باب حكم الحاكم بعلمه، من كتاب القضاء. المجتبى ٨/ ٢٠٦، ٢٠٧، وعبد الرزاق، في: باب المرأتين تدعيان، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٣٦٢.
(١٠) في الأصل: "تزوجها بهذا".
(١١) سقط من: م.
(١٢) في م: "إلحاقها".
(١٣) في م: "للعار".
(١٤) في م: "أو".
(١٥) في م: "شبهة".

<<  <  ج: ص:  >  >>