للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبدِ، فله القَبْضُ منه بغيرِ يَمِينٍ، وإن اخْتارَ الرُّجوعَ على شَرِيكِه بِنِصْفِه، فللشَّرِيكِ عليه اليَمِينُ أنَّه لم يَقْبِضْ مِن المُكاتَبِ شيئًا؛ لأَنَّه لو أقرَّ بذلك، لسَقَطَ حَقُّه من الرُّجوعِ، فإذا أَنْكَرَه، لَزِمَتْه اليَمِينُ. فإنْ شَهِدَ القابِضُ على شَرِيكِه بالقَبْضِ، لم تُقْبَلْ شَهادتُه لمَعْنَيَيْنِ؛ أحدُهما، أَنَّ المُكاتَبَ لم يَدَّعِ عليه شيئًا، وإنَّما تُقبَلُ البَيِّنَةُ إذا شَهِدَتْ بصِدْقِ المُدَّعِى. والثانى، أنَّه يَدْفَعُ عن نَفْسِه مَغْرَمًا، فإنْ عَجَزَ العبدُ، فلغيرِ القابِضِ أَنْ يسْترِقَّ نِصْفَه، ويُقَوَّمَ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه؛ لأنَّ العبدَ، مُعْتَرِفٌ برِقِّه، غيرُ مُدَّعٍ لحُرِّيَّةِ هذا النَّصِيبِ، بخلافِ التى قبلَها. ويحْتَمِلُ أَنْ لا تُقَوَّمَ أيضًا؛ لأنَّ القابضَ يدَّعِى حُرِّيَّةَ جَمِيعِه، والمُنْكِرَ يَدَّعِى ما يُوجِبُ رِقَّ جَمِيعِه، فإنَّهما يقُولان: ما [قَبَضَه قَبَضَه] (٢٧) بغيرِ حَقٍّ، فلا يَعْتِقُ حتى يُسَلِّمَ إلىَّ مثلَ ما سَلَّمَ إليه. وإِنْ (٢٨) كان أحدُهما يَدَّعِى رِقَّ جَمِيعِه، والآخَرُ يَدَّعِى حُرِّيَّةَ جَمِيعِه، فما اتَّفَقَا على حُرِّيَّةِ البَعْضِ دُونَ البَعْضِ.

فصل: وإن اعْتَرَفَ المُدَّعَى [عليه] (٢٩) بقَبْضِ المائةِ، على الوَجْهِ الذى ادَّعاهُ المُكاتَبُ، وقال: قد دَفَعْتُ إلى شَرِيكى نِصْفَها. فأنْكَرَ الشَّريكُ، فالقَوُل قَولُه مع يَمِينِه، وله مُطالَبَةُ مَنْ شاءَ منهما بجميعِ حَقِّه، وللمَرْجوعِ عليه أَنْ يُحَلِّفه. فإنْ رَجَعَ على الشَّرِيكِ، فأَخَذَ منه خمسين، كان له ذلك؛ لأَنَّه اعْتَرَفَ بقَبْضِ المائةِ كُلِّها، ويَعْتِقُ المُكاتَبُ؛ لأَنَّه وصَلَ إلى كُلِّ واحِدٍ منهما قَدْرُ حَقِّه مِن الكتابةِ، ولا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ عليه بشىءٍ؛ لأَنَّه يعْتَرِفُ له بأداءِ ما عليه، وَبَراءَتِه منه، وإنَّما يزْعُمُ أَنَّ شَرِيكَه ظَلَمَه، فلا يرْجِعُ على غيرِ ظالِمِه. وإِنْ رَجَعَ على العبدِ، فله أَنْ يأخُذَ منه الخمسين؛ لأَنَّه يزْعُمُ أنَّه ما قَبَضَ شيئًا مِن كتابَتِه، وللعبدِ الرُّجوعُ على القابِضِ بها، سَواءٌ صَدَّقَه فى دَفْعِها إلى المُنْكِرِ أو كَذَّبَه؛ لأَنَّه وإِنْ دَفَعَها فقد دَفَعَها دَفْعًا غيرَ مُبْرٍ، فكان مُفرِّطًا. ويَعْتِقُ العبدُ بأدائِها، فإنْ عَجَزَ عن أدائِها، فله أَنْ يَأْخُذَها من القابِضِ، ثم يُسَلِّمَها، فإن تَعَذَّرَ ذلك، فله تَعْجِيزُه، واسْتِرْقاقُ نِصْفِه، ومُشارَكَةُ القابِضِ فى الخمسين التى قَبَضَها عِوَضًا عن نَصيبِه، ويقَوَّمُ على الشَّرِيكِ القابِضِ إِنْ كان مُوسِرًا، إِلَّا أَنْ يكونَ العبدُ يُصدِّقُه فى دَفْعِ الخمسين إلى


(٢٧) فى ب: "قبضته".
(٢٨) فى م: "وإذا".
(٢٩) تكملة يصح بها المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>