للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْداهُما، يَرْجِعُ به. وهو قولُ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه دَخَلَ في العَقْدِ على أن يُتْلِفَه (٨) بغير عِوَضٍ، فإذا غَرِم عِوَضَه رَجَعَ به، كبَدَلِ الوَلدِ، ونَقْصِ الوِلَادَةِ. وهذا أحدُ قَوْلَىِ الشّافِعِىِّ. والثانية، لا يَرْجِعُ به، وهو اخْتِيارُ أبى بكرٍ، وقولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه غَرِمَ ما اسْتَوْفَى بَدَلَهُ، فلا يَرْجِعُ به، كقِيمَةِ الجارِيَةِ، وبَدَلِ أجْزَائِها. وهذا القولُ الثاني للشّافِعِىِّ. وإن رَجَعَ بذلك كلِّه على الغاصِبِ فكُلُّ ما لو رَجَعَ به على المُشْتَرِى لا (٩) يَرْجِعُ به على الغاصِبِ، إذا رَجَعَ به على الغاصِبِ رَجَعَ به الغاصِبُ على المُشْتَرِى. وكلُّ ما لو رَجَعَ به على المُشْتَرِى رَجَعَ به المُشْتَرِى على (١٠) الغاصِبِ إذا غَرِمَهُ الغاصِبُ، لم يَرْجِعْ به على المُشْتَرِى. ومتى رَدَّها حامِلًا فماتَتْ من الوَضْعِ، فإنَّها مَضْمُونَةٌ على الواطِئِ؛ لأنَّ التَّلَفَ (١١) بِسَبَبٍ من جِهَتِه.

فصل: ومن اسْتَكْرَهَ امْرَاْةً على الزِّنَى، فعليه الحَدُّ دُونَها؛ لأنَّها مَعْذُورَةٌ، وعليه مَهْرُها حُرَّةً كانت أو أَمَةً، فإن كانت حُرَّةً كان المَهْرُ (١٢) لها، وإن كانت أمَةً كان لِسَيِّدِها. وبه قال مالِكٌ، والشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجِبُ المَهْرُ؛ لأنَّه وَطْءٌ يَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ الحَدِّ، فلم يَجِبْ به المَهْرُ، كما لو طَاوَعَتْهُ. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ في غير مِلْكٍ، سَقَطَ فيه الحَدُّ من المَوْطُوءَةِ. فإذا كان الواطِىءُ من أَهْلِ الضَّمَانِ في حَقِّها، وَجَبَ عليه مَهْرُها كما لو وَطِئَها بِشُبْهَةٍ، وأما المُطَاوِعَةُ، فإن كانت أمَةً وَجَبَ عليه (١٣) مَهْرُها؛ لأنَّه حَقٌّ لِسَيِّدِها، فلا يَسْقُطُ بِرِضَاهَا، وإن كانت حُرّةً، لم يَجِبْ لها المَهْرُ؛ لأنَّ رِضَاهَا اقْتَرَنَ بالسَّبَبِ المُوجِبِ، فلم يُوجِبْ، كما لو أَذِنَتْه في قَطْعِ يَدِها، أو إِتْلَافِ جُزْءٍ منها. ورُوِىَ عن أحمدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ الثَّيِّبَ لا مَهْرَ لها وإن أُكْرِهَتْ. نَقَلَها


(٨) في الأصل: "متلفه".
(٩) في الأصل: "لم".
(١٠) في ب: "إلى".
(١١) في ب: "التالف".
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>