للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُبِّ والجِماعِ. وإن أمْكَنتِ التَّسْويَةُ بينهما فى الجِماعِ، كان أحْسنَ وأوْلَى؛ فإنَّه أبْلغُ فى العَدْلِ، وقد كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقْسِمُ بينهنَّ فيَعْدِلُ، ثم يقولُ: "اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِى فِيمَا أمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِى فِيمَا لَا أمْلِكُ" (٢). ورُوِىَ أنَّه كان يُسَوِّى بينهنَّ حتى فى القُبَلِ (٣). ولا تجبُ التَّسْويَةُ بينهنَّ فى الاسْتِمْتاعِ فيما (٤) دونَ الفَرْجِ؛ مِنَ القُبَلِ، واللَّمْسِ، ونحوِهما؛ لأنَّه إذا لم تجبِ التَّسْوِيَةُ بينهُنَّ (٥) فى الجماع، ففى دَواعِيه أوْلَى.

١٢٢٦ - مسألة؛ قال: (وَيَقْسِمُ لِزَوْجَتِهِ الأَمَةِ لَيْلَةً، وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً)

وبهذا قال علىُّ بنُ أبى طالبٍ، وسعيدُ بنُ المسيَّبِ، ومَسْروقٌ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيدٍ. وذكر أبو عُبيدٍ أنَّه مذهبُ الثَّوْرِىِّ، والأوْزَاعىِّ، وأهلِ الرَّأْىِ. وقال مالكٌ، فى إحدى الرِّوايتَيْنِ عنه: يُسَوِّى بينَ الحُرَّةِ والأمَةِ فى القَسْمِ؛ لأنَّهما سَواءٌ فى حقوقِ النِّكاحِ؛ مِنَ النَّفقةِ، والسُّكْنَى، وقَسْمِ الابْتداءِ، كذلك هاهُنا. ولنا، ما رُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه كان يقول: إذا تزوَّجَ الحُرَّةَ على الأَمَةِ، قسَمَ للأمَةِ ليلةً وللحُرَّةِ ليلتَيْنِ. روَاه الدَّارَقُطْنِىُّ (١)، واحْتَجَّ به أحمدُ. ولأنَّ الحُرَّةَ يجبُ تسْليمُها ليلًا ونهارًا، فكان حظُّها أكثرَ فى الإِيوَاءِ، ويُخالِفُ النَّفقةَ والسُّكْنَى، فإنَّه مُقَدَّرٌ بالحاجةِ، وحاجتُها إلى ذلك كحاجةِ الحُرَّةِ. وأمَّا قَسْمُ الابْتِداءِ، فإنَّما شُرِعَ ليزُولَ الاحْتِشامُ مِن كلِّ واحدٍ منهما من صاحبِه، ولا يخْتلِفانِ فى ذلك، وفى مسْألتِنا يَقْسِمُ لهما لتَساوِى حظِّهما.


(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٣٥.
(٣) أخرجه ابن أبى شيبة، موقوفا، عن جابر بن زيد، فى: باب ما قالوا فى العدل بين النسوة إذا اجتمعن ومن كان يفعله، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٣٨٧.
(٤) فى أ، ب، م: "بما".
(٥) سقط من: أ، ب، م.
(١) فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>