للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولوَليِّها مَنْعُها من نِكاحِ المَجْذُوم والأبْرَصِ والمجنونِ، وما عدا هذا فليس بِمُعْتَبَرٍ (٣٦) فى الكفاءةِ.

فصل: مَن أسْلَمَ أو عَتَقَ من العَبِيد، فهو كُفْءٌ لمن له أبوانِ فى الإسلام والحُرِّيةِ. قال أبو حنيفةَ: ليس بكُفْءٍ. وليس بصحيحٍ، فإن الصَّحابةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، أكْثرُهُم أسْلَمُوا، وكانوا أفْضَلَ الأمَّةِ، فلا يجوزُ أن يُقالَ: إنهم غيرُ أكْفاءٍ للتَّابِعِينَ.

فصل: فأمَّا وَلَدُ الزِّنَى، فيَحتَمِلُ أن لا يكونَ كُفْؤًا لذاتِ نَسَبٍ؛ فإنَّ أحمدَ، رَحِمهُ اللَّه، ذُكِرَ له أنَّه يَنْكِحُ ويُنْكَحُ إليه؟ فكأنَّه لم يُجِبْ. وذلك لأنَّ المرأةَ تُعَيَّرُ به هى وأوْلياؤُها (٣٧)، ويَتَعَدَّى ذلك إلى وَلَدِها. وأمَّا كونُه ليس بكُفْءٍ لعَرَبِيَّةٍ، فلا إشْكالَ فيه؛ لأنَّه أدنى حالًا من المَوْلى.

فصل: والمَوالِى بعضُهم لبعضٍ أكفاءٌ، وكذلك العَجَمُ. قال أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رَجُلٍ من بنى هاشم له مَوْلاةٌ: يُزَوِّجُها الْخُرَاسانى، وقولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَوَالِى القَوْمِ مِنْ أنفُسِهِمْ" (٣٨). هو فى الصدقةِ، فأمَّا فى (٣٩) النِّكاحِ فلْيَنْكِح. وذَكَرَ القاضى روايةً عن أحمدَ، أن مَوْلَى القومِ يكافِئُهُم؛ لهذا الخبرِ، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَوّجَ زَيْدًا وأسامةَ عَرَبِيّتَيْنِ (٤٠)، ولأن مَوَالِىَ بنى هاشمٍ ساوُوهُم فى حِرْمانِ الصَّدقةِ، فيُسَاوُونَهُم فى الكفاءةِ. وليس هذا بصحيحٍ؛ فإنه يُوجِبُ أن يكونَ المَوالِى أكفاءَ للعَرَبِ، فإن المَوْلَى إذا كان كُفْءَ سَيِّده كان كفؤًا لمن يكافِئُه سَيِّدُه، فيَبْطُلُ اعتبارُ المَنْصبٍ، وقد قال أحمدُ: هذا الحديثُ فى الصَّدَقَةِ، لا فى النِّكاحِ. ولهذا لا يُساوُونَهُم فى اسْتِحقاقِ الخُمْسِ، ولا فى الإمامةِ، ولا فى الشَّرَفِ. وأما زيدٌ وأسامةُ، فقد اسْتُدِلَّ بِنكاحِهِما


(٣٦) فى الأصل: "يعتبر".
(٣٧) فى أ، م: "وولديها".
(٣٨) تقدم تخريجه فى: ٤/ ١١٠.
(٣٩) سقط من: م.
(٤٠) تقدم تخريجه فى صفحتى ٣٨٨، ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>