للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: لو تَمَالَأَ عليه أهلُ صَنْعاءَ لقَتَلْتُهُم جميعًا (٥). وعن عليٍّ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قَتَلَ ثلاثةً قتلُوا رَجُلًا (٦). وعن ابن عبَّاسٍ أنَّه قَتَلَ جماعةً بواحدٍ (٦)، ولم يُعْرَفْ لهم في عَصْرِهِم مُخالِفٌ، فكان إجماعًا، ولأنَّها عُقوبةٌ تجبُ [للواحدِ على الواحدِ، فوَجَبَتْ للواحدِ] (٧) على الجماعةِ، كحَدِّ القَذْفِ. ويُفارِقُ الدِّيَةَ، فإنَّها تتَبَعَّضُ، والقِصاصُ لا يتبعَّضُ، ولأنَّ القِصاصَ لو سَقَطَ بالاشْتِراكِ، أدَّى إلى التَّسارُعِ إلى القَتْلِ به، فيُؤَدِّي إلى إسْقاطِ حِكْمةِ الرَّدْعِ والزَّجْرِ.

فصل: ولا يُعْتَبرُ في وُجُوبِ القِصاصِ على المُشْتَركِينَ التَّساوِى في سَبَبه، فلو جَرَحَه رجلٌ جُرْحًا والآخرُ مائةً، أو جَرَحَه أحدُهما مُوضِحَةً والآخَرُ آمَّةً، أو أحدُهما جائِفةً والآخرُ غيرَ جائفةٍ، فمات، كانا سَواءً في القِصاصِ والدِّيَةِ؛ لأنَّ اعتبارَ التَّساوِى يُفْضِي إلى سُقُوطِ القِصاصِ عن المُشْتركِينَ، إذْ لا يكادُ جُرْحانِ يتَسَاويانِ من كلِّ وَجْهٍ، ولو احْتَمَلَ التَّساوِيَ لم يَثْبُتِ الحُكْمُ؛ لأنَّ الشَّرْطَ يُعْتَبرُ العِلْمُ بوُجُودِه، ولا يُكْتَفَى باحْتمالِ الوُجُودِ، بل الجَهْلُ بوُجُودِه كالعِلْمِ بعَدَمِه في انْتِفاءِ الحُكْمِ، ولأنَّ الجُرْحَ الواحدَ يَحْتَمِلُ أن يموتَ منه دون المائةِ، كما يَحْتَمِلُ أن يموتَ من المُوضِحَةِ دونَ الآمَّةِ، ومن غير الجائِفَةِ دون الجائفةِ، ولأنَّ الجِراحَ إذا صارت نَفْسا سَقَطَ اعْتِبارُها، فكان حكمُ الجماعةِ كحكمِ الواحدِ، ألا تَرَى أنَّه لو قَطَعَ أطْرافَه كلَّها فمات، وَجَبَتْ دِيَةٌ واحدةٌ، كما لو قَطَعَ طَرَفَه فماتَ.

فصل: إذا اشتَرَكَ ثلاثةٌ في قَتْلِ رَجُلٍ، فقَطَعَ أحدُهُم يَدَه، والآخرُ رِجْلَه، وأَوْضَحَه الثالثُ، فماتَ، فللوَلِيِّ قَتْلُ جَمِيعِهِم، والعفوُ عنهم إلى الدِّيَةِ، فيأخذُ من كلِّ واحدٍ ثُلُثَهَا، وله أن يَعْفُوَ عن واحدٍ، فيأخذَ منه ثُلُثَ الدِّيَةِ، ويَقْتُلَ الآخَرَينِ، وله أن يَعْفُوَ عن اثنَيْنِ، فيأخذَ منهما ثُلُثَيِ الدِّيَةِ، ويقتلَ الثالثَ، فإن بَرَأتْ


(٥) تقدم تخريجه في صفحة ٤٦١.
(٦) انظر لحديث عليٍّ ما أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف ٩/ ٣٤٨. ولحديث ابن عباس انظر ما أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف ٩/ ٤٧٩.
(٧) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>