للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٩ - مسألة؛ قال: (ولا يُدْخِلُ القَبْرَ آجُرًّا، ولَا خَشَبًا، ولَا شَيْئًا مَسَّتْهُ النَّارُ)

قد ذَكَرْنا أنَّ اللَّبِنَ والقَصَبَ مُسْتَحَبٌّ، وكَرِهَ أحمدُ الخَشَبَ. وقال إبراهيمُ النَّخَعِىُّ: كانوا يَسْتَحِبُّونَ اللَّبِنَ، ويَكْرَهُونَ الخَشَبَ. ولا يُسْتَحَبُّ (١) الدَّفْنُ في تَابُوتٍ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أصْحابِه، وفيه تَشَبُّهٌ بأهْلِ الدُّنْيَا، والأرْضُ أنْشَفُ لِفَضَلاتِه. ويُكْرَهُ الآجُرُّ؛ لأنَّه من بِناءِ المُتْرَفِينَ، وسَائِرُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ، تَفَاؤُلًا بأنْ لا تَمَسَّهُ النَّارُ.

فصل: وإذا فَرَغَ من اللَّحْدِ أهالَ عليه التُّرَابَ، ويُرْفَعُ القَبْرُ عن الأرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ؛ لِيُعْلَمَ أنَّه قَبْرٌ، فيُتَوَقَّى (٢)، ويُتَرَحَّمُ على صَاحِبِهِ. ورَوَى السَّاجِىُّ، عن جابِرٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رُفِعَ قَبْرُهُ عن الأرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ (٣). ورَوَى القاسمُ بنُ محمدٍ، قال: قلتُ لعائشةَ يا أُمَّهْ اكْشِفِى لي عن قَبْرِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وصَاحِبَيْهِ. فكَشَفَتْ لي عن ثلاثَة قُبُورٍ، لا مُشْرِفَةٍ ولا لَاطِئَةٍ (٤)، مَبْطُوحَةٍ بِبطْحَاءِ العَرْصَةِ الحَمْرَاءِ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (٥). ولا يُسْتَحَبُّ رَفْعُهُ بأكْثَرَ من تُرَابِهِ. نَصَّ عليه أحمدُ، ورَوَى بإسْنَادِهِ، عن عُقْبَةَ بن عَامِرٍ، أنَّه قال: "لا يُجْعَلُ في القَبْرِ من التُّرَابِ أَكْثَرُ ممَّا خَرَجَ منه حِينَ حُفِرَ". ورَوَى الخَلَّالُ، بإسْنَادِهِ عن جَابِرٍ، قال: نَهَى رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ يُزَادَ على القَبْرِ على حُفْرَتِهِ (٦). ولا يُسْتَحَبُّ رَفْعُ القَبْرِ


(١) في الأصل: "يستحبون".
(٢) في أ، م: "فيوفى".
(٣) أخرجه البيهقي، في: باب لا يزاد في القبر على أكثر من ترابه لئلا يرتفع جدا، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٣/ ٤١٠. وعزاه الزيلعي أيضًا إلى ابن حبان في صحيحه. نصب الراية ٢/ ٣٠٣.
(٤) لاطئة: مستو على وجه الأرض.
(٥) في: باب في تسوية القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٩٢.
(٦) أخرجه البيهقي، في: باب لا يزاد في القبر على أكثر من ترابه لئلا يرتفع جدا، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٣/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>