للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ على المسلمِ والحُرِّ، ويجبُ على الذِّمِّيِّ والعبدِ، إذا قُلْنا بوُجُوبِه على شَرِيكِ الأبِ؛ لأنَّ امْتِناعَ القِصاصِ عن المسلمِ لإِسْلامِه، وعن الحُرِّ لحُرِّيَّتِه، وانْتفاءِ مُكافأةِ المَقتُولِ له، وهذا المعنى لا يتَعَدَّى إلى فِعْلِه، ولا إلى شَرِيكِه، فلم يَسْقُطِ القِصَاصُ عنه. وقد نقَلَ عبدُ اللَّه بن أحمدَ، قال: سألتُ أبِي عن حُرٍّ وعبدٍ قَتَلَا عَبْدًا عَمْدًا، قال: أمَّا الحُرُّ فلا يُقْتَلُ بالعَبْدِ، وعلى الحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ العَبْدِ في مالِه، والعَبْدُ إن شاء سَيِّدُه أسْلَمَه، وإلَّا فَدَاه بنِصْفِ قِيمَةِ العَبْدِ. وظاهرُ هذا أنَّه لا قِصاصَ على العبدِ، فيُخَرَّجُ مثلُ ذلك في كلِّ قَتْلٍ شارَكَ فيه مَنْ لا يَجِبُ عليه القِصاصُ.

١٤٣١ - مسألة؛ قال: (وإذَا اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ صَبِيٌّ ومَجْنُونٌ وبَالِغٌ، لَم يُقْتَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وعَلَى الْعَاقِلِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وعَلَى عاقِلَةِ كُلِّ واحِدٍ مِنَ الصَّبِيِّ والْمَجْنُونِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وعِتْقُ رقَبَتَيْنِ في أمْوَالِهِما؛ [لِأَنَّ عَمْدَهُمَا خطَأٌ] (١))

أمَّا إذا شارَكَ (٢) في القَتْلِ مَن لا قِصاصَ عليه لمَعْنًى في فِعْلِه (٣)؛ كالصَّبِيِّ والمَجْنُونِ، فالصَّحِيحُ في المذهبِ أنَّه لا قِصاصَ عليه. وبهذا قال الحسنُ، والأوْزَاعيُّ، وإسْحاقُ، وأبو حنيفةَ، وأصْحابُه. وهو أحدُ قَوْلَيِ الشافعيِّ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّ القَوَدَ يجبُ على البالغِ العاقلِ. حَكاها ابنُ (٤) المُنْذِرِ عن أحمدَ. وحُكِيَ ذلك عن مالكٍ. وهو القوُل الثاني للشافعيِّ. ورُوِي ذلك عن قَتادةَ، والزُّهْرِيِّ، وحَمَّادٍ؛ لأنَّ القِصاصَ عُقُوبةٌ تَجِبُ عليه جَزاءً لِفِعْلِه، فمتى كان فِعْلُه عَمْدًا عُدْوانًا، وجَبَ القِصاصُ عليه، ولا نَظَرَ (٥) إلى فِعْلِ شَرِيكِه بحالٍ، ولأنَّه شارَكَ في القَتْلِ عَمْدًا عُدْوانًا، فوَجَبَ عليه القِصاصُ، كشَرِيكِ الأجْنَبِيِّ، وذلك لأنَّ الإِنْسانَ إنَّما


(١) سقط من: الأصل، ب. وسيأتي التنصيص عليه خلال الشرح.
(٢) في الأصل، م: "شاركوا".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "ننظر".

<<  <  ج: ص:  >  >>