للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سَتْرِ وَجْهِهَا، فلم يَحْرُمْ عليها سَتْرُهُ على الإطْلَاقِ، كالعَوْرَةِ. وذَكَرَ القاضى أنَّ الثَّوْبَ يكونُ مُتَجَافِيًا عن وَجْهِهَا، بحيثُ لا يُصِيبُ البَشَرَةَ، فإنْ أصَابَها، ثمَّ زَالَ أو أزَالَتْه بِسُرْعَةٍ، فلا شىءَ عليها، كما لو أطارَتِ الرِّيحُ الثَّوْبَ عن عَوْرَةِ المُصَلِّى، ثمَّ عَادَ بِسُرْعَةٍ، لا تَبْطُلُ الصلاةُ. وإنْ لم تَرْفَعْهُ مع القُدْرَةِ، افْتَدَتْ؛ لأنَّها اسْتَدامَتِ السَّتْرَ. ولم أرَ هذا الشَّرْطَ عن أحمدَ، ولا هو فى الخَبَرِ، مع أنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُه، فإنَّ الثَّوْبَ المَسْدُولَ لا يَكَادُ يَسْلَمُ من إصَابَةِ البَشَرَةِ، فلو كان هذا شَرْطًا لَبُيِّنَ (٦)، وإنَّما مُنِعَتِ المَرأةُ من البُرْقُعِ والنِّقَابِ ونَحْوِهِما، ممَّا يُعَدُّ لِسَتْرِ الوَجْهِ. قال أحمدُ: إنَّما لها أن تَسْدُلَ على وَجْهِهَا مِن فوق، وليس لها أن تَرْفَعَ الثَّوْبَ من أسْفَل. كأنَّه يقول: إنَّ النِّقَابَ من أسْفَلَ على وَجْهِها.

فصل: ويَجْتَمِعُ فى حَقِّ المُحْرِمَةِ وُجُوبُ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وتَحْرِيمُ تَغْطِيَةِ الوَجْهِ. ولا يُمْكِنُ تَغْطِيَةُ جَمِيعِ الرَّأْسِ إلَّا بِجُزْءٍ من الوَجْهِ، ولا كَشْفُ جَمِيعِ الوَجْهِ إلَّا بِكَشْفِ جُزْءٍ من الرَّأْسِ، فعند ذلك سَتْرُ الرَّأْسِ كُلِّه أوْلَى؛ لأنَّه آكَدُ، إذْ هو عَوْرَةٌ، لا يَخْتَصُّ تَحْرِيمُه حالَةَ الإِحْرَامِ، وكَشْفُ الوَجْهِ بِخِلافِه، وقد أبَحْنَا سَتْرَ جُمْلَتِه لِلْحَاجَةِ العَارِضَةِ، فسَتْرُ جُزْءٍ منه لِسَتْرِ العَوْرَةِ أوْلَى.

فصل: ولا بَأْسَ أنْ تَطُوفَ المَرْأَةُ مُتَنَقِّبةً (٧)، إذا كانت غيرَ مُحْرِمَةٍ، وطَافَتْ عائشةُ وهى مُتَنَقِّبةٌ (٧). وكَرِهَ ذلك عَطَاءٌ، ثمَّ رَجَعَ عنه. وذَكَرَ أبو عبدِ اللهِ حديثَ ابن جُرَيْجٍ، أنَّ عَطاءً كان يَكْرَهُ لغير المُحْرِمَةِ أن تَطُوفَ مُتَنَقِّبةً، حتَّى حَدَّثْتُه عن الحسنِ بن مُسْلِمٍ، عن صَفِيَّةَ بنتَ شَيْبَةَ، أنَّ عائشةَ طَافَتْ وهى مُتَنَقِّبةٌ، فأخَذَ


(٦) فى الأصل: "لتبين".
(٧) فى أ، ب، م: "منتقبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>