للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا (١٥) أنَّ النَّوَافِلَ المُرَتَّبَات تُقْضَى، وإنَّما سَقَطَ القَضاءُ لما ذَكَرْنَا، فأمَّا إنْ تَجاوَزَ المِيقاتَ ورَجَعَ ولم يَدْخُل الحَرَمَ، فلا قَضاءَ عليه، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه، سواءٌ أرَادَ النُّسُكَ، أو لم يُرِدْهُ.

فصل: ومَن كان مَنْزِلُه دُونَ المِيقاتِ خَارِجًا من الحَرَمِ، فحُكْمُه في مُجاوَزَةِ قَرْيَتِه إلى ما يَلِى الحَرَمَ، حُكْمُ المُجاوِزِ لِلْمِيقاتِ في هذه الأحْوالِ الثَّلَاث؛ لأنَّ مَوْضِعَه مِيقَاتُه، فهو في حَقِّه كالمَواقِيتِ الخَمْسَة في حَقِّ الآفَاقِيِّ.

٥٥٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَخشِىَ إنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ فاتَهُ الحَجُّ، أَحْرَمَ مِنْ مَكَانِه، وعَلَيْهِ دَمٌ)

لا خِلافَ في أنَّ مَن خَشِىَ فَوَاتَ الحَجِّ بِرُجُوعِه إلى المِيقَاتِ، أنَّه يُحْرِمُ مِن مَوْضِعِه، فيما نَعْلَمُه. إلَّا أنَّه رُوِىَ عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ: مَن تَرَكَ المِيقاتَ، فلا حَجَّ له. وما عليه الجُمْهُورُ أوْلَى؛ فإنَّه لو كان من أرْكانِ الحَجِّ، لم يَخْتَلِفْ باخْتِلافِ الناسِ والأماكِنِ، كالوُقُوفِ والطَّوَافِ. وإذا أحْرَمَ مِن دُونِ المِيقَاتِ عندَ خَوْفِ الفَوَاتِ، فعليه دَمٌ. لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا عندَ مَن أوْجَبَ الإحْرَامَ من المِيقَاتِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَرَكَ نُسُكًا، فَعَلَيْهِ دَمٌ" (١). وإنَّما أبَحْنَا له الإِحْرامَ مِن مَوْضِعِه، مُرَاعَاةً لإِدْرَاكِ الحَجِّ، فَإنَّ مُرَاعَاةَ ذلك أَوْلَى مِن مُرَاعاةِ واجِبٍ فيه مع فَواتِه. ومَن لم يُمْكِنْه الرُّجُوعُ؛ لِعَدَمِ الرُّفْقَةِ، أو الخَوْفِ من عَدُوٍّ أو لِصٍّ أو مَرَضٍ، أو لا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ، ونحوِ هذا ممَّا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فهو كخائِفِ الفَواتِ، في أنَّه يُحْرِمُ مِن مَوْضِعِه، وعليه دَمٌ.


(١٥) سقط من: الأصل.
(١) تقدم تخريجه في صفحة ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>