للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا. وكلامُ أحمدَ فيه مُحْتَمِلٌ لهذا؛ فإنَّه قال فى الرَّيْحَانِ: ليس من آلةِ المُحْرِمِ. ولم يَذْكُرْ فِدْيَتَه (٩)؛ وذلك لأنَّه لا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ، فأشْبَهَ العُصْفُرَ. الثالث، ما يَنْبُتُ لِلطِّيبِ، ويُتَّخَذُ منه طِيبٌ، كَالوَرْدِ والبَنَفْسَجِ واليَاسَمِينِ والخِيرِىِّ (١٠)، فهذا إذا اسْتَعْمَلَهُ وشَمَّهُ، ففيه الفِدْيَةُ؛ لأنَّ الفِدْيَةَ تَجِبُ فيما يُتَّخَذُ منه، فكذلك فى أصْلِهِ. وعن أحمدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى فى الوَرْدِ: لا فِدْيَةَ عليه فى شَمِّهِ؛ لأنَّه زَهْرٌ شَمَّه على جِهَتِه، أشْبَهَ زَهْرَ سائِرِ الشَّجرِ. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ فى هذا والذى قبلَه رِوَايَتَيْنِ. والأَوْلَى تَحْرِيمُه؛ لأنَّه يَنْبُتُ لِلطِّيبِ، ويُتَّخَذُ منه، أشْبَهَ الزَّعْفَرَانَ والعَنْبَرَ. قال القاضى: يُقالُ: إن العَنْبَرَ ثَمَرُ شَجَرٍ، وكذلك الكافُور.

فصل: ومَن (١١) مَسَّ من الطِّيبِ ما يَعْلَقُ بِيَدِه، كالغَالِيةِ، ومَاءِ الوَرْدِ، والمِسْكِ المَسْحُوقِ الذى يَعْلَقُ بأَصَابِعِه، فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه مُسْتَعْمَلٌ (١٢) لِلطِّيبِ. وإن مَسَّ ما لا يَعْلَقُ بيَدِه، كالمِسْكِ غيرِ المَسْحُوقِ، وقِطَعِ (١٣) الكَافُورِ، والعَنْبَرِ، فلا فِدْيَةَ؛ لأَنَّه غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لِلطِّيبِ. فإن شَمَّه، فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه يُسْتَعْمَلُ هكذا. وإن شَمَّ العُودَ، فلا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّه لا يُتَطَيَّبُ به هكذا.

٥٨١ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زعْفَرَانٌ وَلَا طِيبٌ)

لا نَعْلَمُ بين [أهْلِ العِلْمِ] (١) خِلَافًا فى هذا. وهو قولُ جابِرٍ، وابنِ عمرَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا خِلَافَ


(٩) فى الأصل، أ: "فدية".
(١٠) الخيرى: نبت له زهر، وغلب على أصفره، يستخرج منه دهن.
(١١) فى أ، ب، م: "وإن".
(١٢) فى الأصل: "يستعمل".
(١٣) فى الأصل: "وأقطاع".
(١) فى الأصل: "العلماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>