للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا يَسْتَصْحِبُ الأميرُ معه مُخَذِّلًا، وهو الذي يُثَبِّطُ الناسَ عن الغَزْوِ، ويُزَهِّدُهم في الخروجِ إليه والقتالِ والجهادِ، مثل أنْ يقولَ: الْحَرُّ أو البردُ شديدٌ، والمشَقَّةُ شديدةٌ، ولَا تُؤْمَنُ هزيمَةُ هذا الجَيْشِ. وأَشْباهَ هذا، ولا مُرْجِفًا، وهو الذي يقول: هَلَكَتْ سَرِيَّةُ المسلمين، ومالَهُم مَدَدٌ، ولا طاقَةَ لهم بالكُفَّارِ، والكفّارُ لهم قُوَّةٌ، ومَدَدٌ، وصبرٌ، ولا يثبتُ لهم أحدٌ. ونحوَ هذا، ولا مَنْ يُعِينُ على المسلمين بالتجَسُّسِ للكُفَّارِ، وإطْلاعِهم على عَوْراتِ المسلمين، ومُكاتَبَتِهم بأخبارِهم، ودَلالتِهم على عَوْراتِهم، أو إيوَاءِ جَواسِيسِهِم. ولا مَنْ يُوقِعُ العداوَةَ بين المسلمين، ويَسْعَى بالفسادِ؛ لقول اللَّه تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَة} (٩). ولأنَّ هؤلاء مَضَرَّةٌ على المسلمين، فيَلْزَمُه مَنْعُهم. وإِنْ خرجَ معه أحدُ هؤلاء، لم يُسْهِمْ له ولم يَرْضَخْ وإِنْ أظهرَ عَوْنَ المسلمين؛ لأنّه يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ أظهرَهُ نِفاقًا، وقد ظهرَ دليلُه، فيكونُ مُجرَّدَ مَضَرَّةٍ (١٠)، فلا يَسْتَحِقُّ ممَّا غَنِمُوا شيئًا. وإنْ كان الأميرُ أحَدَ هؤلاء، لم يُسْتَحَبَّ الخروجُ معه؛ لأنَّه إذا مُنِعَ خُروجُه تَبَعًا، فمَتْبوعًا أَوْلَى، ولأنَّه لا تُؤْمَنُ المَضَرَّةُ على مَنْ صَحِبَه.

١٦٢٣ - مسألة؛ قال: (ويُقاتِلُ كُلُّ قَوْمٍ مَنْ يَليهِمْ مِنَ الْعَدُوِّ)

الأصْلُ في هذا قولُ اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} (١). ولأنَّ. الأقْربَ أكثرُ ضررًا، وفي قتالِه دفْعُ ضرَرِه عن المُقابِلِ له، وعَمَّن


= كتاب المغازى، وفي: باب العمل بالخواتيم، من كتاب القدر. صحيح البخاري ٤/ ٨٨، ٥/ ١٦٩، ٨/ ١٥٥. ومسلم، في: باب غلظ تحريم قتل الإِنسان نفسه. . ., من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم ١/ ١٠٥، ١٠٦. والدارمي، في: باب إن اللَّه يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، من كتاب السير. سنن الدارمي ٢/ ٢٤١. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٠٩.
(٩) سورة التوبة ٤٦، ٤٧.
(١٠) في م: "ضرر".
(١) سورة التوبة ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>