للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمعِ والزَّيْتِ، وأشْباهِه (١٦)، للأماكنِ التى فيها القبورُ، لا يَصِحُّ.

فصل: وإن نذرَ الذَّبْحَ بمكةَ، فهو كنَذْرِ الهَدْىِ إليها؛ لأنَّ مُطْلَقَ النَّذْرِ محمولٌ على معهودِ الشَّرْعِ، ومعهودُ الشَّرْعِ فى الذَّبْحِ الواجبِ بها أن يُفَرَّقَ اللَّحْمُ بها.

١٨٥٨ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ يَقْدمُ فُلَانٌ، فقدِمَ [أوَّلَ يَومٍ مِنْ] (١) شَهْرِ رَمَضَانَ، أَجْزَأَهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَان وَنَذْرِهِ)

ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أَنَّ نَذْرَ هذا مُنْعَقِدٌ، لكنَ صِيامَه يُجْزِئُ عن النَّذرِ ورمضانَ. وهو قولُ أبى يوسفَ. وهو قياسُ قولِ ابنِ عبَّاس، وعِكْرِمَةَ؛ لأنَّه نذَرَ صومًا فى وقتٍ، وقد صامَ فيه. وقال القاضى: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أَنَّ النَّذْرَ غيرُ مُنْعَقِدٍ؛ لأنَّ نَذْرَه وافقَ زمَنًا يُسْتَحقُّ صَومُه، فلم ينْعَقِدْ نَذْرُه، كنَذْرِ صومِ رمضانَ: قال: والصَّحِيحُ عندِى صِحةُ النَّذْرِ؛ لأنَّه نَذْرُ طاعةٍ يُمْكِنُ الوفاءُ به غالبًا، فانْعَقدَ، كما لو وافقَ شعبانَ، فعلى هذا يصومُ رمضانَ، ثم يقْضِى، ويُكفرُ. وهذا اخْتيارُ أبى بكرٍ. ونَقَلَ جعفرُ بنُ محمدٍ، عن (٢) أحمدَ، أَنَّ عليه القضاءَ. وقولُ الْخِرَقِىِّ: أجْزأَه صيامُه لرمضانَ ونَذْرِه. دليل على أَنَّ نَذْرَه انْعَقدَ عندَه، لولا ذلك لَمَا (٣) كان صَوْمُه عن نَذْرِه. وقد نقلَ أبو طالبٍ (٤)، عن أحمدَ، فى مَن نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ وعليه حجَّةٌ مَفْروضةٌ، فأحْرمَ عن النَّذْرِ، وقَعتْ عن المَفْروضِ، ولا يجِبُ عليه شىءٌ آخَرُ. وهذا مثلُ قولِ الْخِرَقِىِّ. وروَى عِكرمةُ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فى رجلٍ نَذَرَ أن يَحُجَّ، ولم يكُنْ حَجَّ الفَرِيضةَ، قال: يُجْزِئُ لهما جميعًا. وعن عِكْرِمَةَ، أنَّه سُئلَ عن ذلك، فقال عِكرمةُ: يقْضِى حِجَّتُه عن نَذْرِه وعن حِجَّةِ الإِسْلامِ، أرَأْيتُم لو أنَّ رجلًا نَذَرَ أن يُصَلِّىَ أربعَ ركعاتٍ، فصلَّى العصرَ، أليس ذلك يُجْزِئُه من العصر والنَّذْرِ؟ قال:


= ١/ ٣٢٦. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى إجلاء اليهود من المدينة، من كتاب الجامع. الموطأ ٢/ ٨٩٢. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٤٦، ٢٨٤، ٢٨٥، ٣٦٦، ٣٩٦، ٤٥٤، ٥١٨، ٥/ ١٨٤، ١٨٦، ٢٠٤، ٦/ ٨٠، ١٢١، ٢٢٩، ٢٥٥، ٢٧٥.
(١٦) فى النسخ: "وأشبه".
(١) فى ب: "فى أول".
(٢) فى ب: "وعن".
(٣) فى ب: "ما".
(٤) فى م: "أبو الخطاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>