للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللمُسْتَخْلَفِ القَصْرُ وَحْدَه؛ لأنَّه لم يَأْتَمَّ بمُقِيمٍ.

٢٧٦ - مسألة؛ قال: (وإذا صَلَّى مُسَافِرٌ ومُقِيمٌ خَلْفَ مُسَافِرٍ، أَتَمَّ المُقِيمُ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُقِيمَ إذا ائْتَمَّ بالمُسَافِرِ، وسَلَّمَ المُسَافِرُ من رَكْعَتَيْنِ، أنَّ على المُقِيمِ إتْمَامَ الصلاةِ. وقد رُوِىَ عن (١) عِمْرَانَ بن حُصَينٍ قال: شَهِدْتُ الفَتْحَ مع رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأقَامَ بمَكَّةَ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، لا يُصَلِّى إلَّا رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يقولُ لأَهْلِ البَلَدِ: "صَلُّوا أَرْبَعًا، فإنَّا سَفْرٌ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٢). ولأنَّ الصلاةَ وَاجِبَةٌ عليه أرْبَعًا، فلم يكن له تَرْكُ شىْءٍ من رَكَعاتِها، كما لو لم يَأْتَمَّ بمُسافِرٍ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذا صَلَّى بمُقِيمِينَ أن يقولَ لهم عَقِيبَ تَسْلِيمهِ: أَتِمُّوا، فإنَّا سَفْرٌ. لما ذَكَرْنا من الحَدِيثِ، ولِئَلَّا يَشْتَبِهَ على الجَاهِلِ عَدَدُ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ، فيَظُنَّ أنَّ الرُّبَاعِيةَ رَكْعَتانِ. وقد رَوَى الأَثْرَمُ، عن الزُّهْرِىِّ، أنَّ عُثمانَ إنَّما أتَمَّ الصلاةَ لأنَّ الأعْرَابَ حَجُّوا، فأرَادَ أن يُعَرِّفَهُمْ أنَّ الصلاةَ أرْبَعٌ.

فصل: وإذَا أمَّ المُسَافِرُ المُقِيمِينَ، فأتَمَّ بهم الصلاةَ، فصلاتُهم تَامَّةٌ صَحِيحَةٌ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ وإسحاقُ. وقال أبو حَنِيفَةَ، والثَّوْرِىُّ: تَفْسُدُ صلاةُ المُقِيمِينَ، وتَصِحُّ صلاةُ الإِمامِ والمُسَافِرِينَ معه. وعن أحمدَ نحوُ ذلك. قال القاضي: لأنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ نَفْلٌ من الإِمامِ، فلا يَؤُمُّ بها مُفتَرِضِينَ. ولنَا، أنَّ المُسَافِرَ يَلْزَمُه الإِتْمامُ بِنِيَّتِه، فيكونُ الجميعُ (٣) وَاجِبًا، ولو (٤) كانتْ نَفْلًا


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في: باب متى يتم المسافر، من كتاب السفر. سنن أبي داود ١/ ٢٨٠.
(٣) في أ، م: "الجمع".
(٤) في الأصل: "ثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>