للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلَأَنْ لا يُمْنَعَ مما (٤٣) فيه نَفْعٌ لازِمٌ لإِحْدَى الجِهَتينِ أوْلَى. ووَلَدُ المُكاتَبةِ يَدْخُلُ فى كِتابَتِها، والحكمُ فى جِنايَتِه كالحُكْمِ فى ولَدِ المُكاتبِ، سَواءً.

فصل: وإن جَنَى بعضُ عَبِيدِ المُكاتَبِ على بعضٍ، جِنايةً مُوجَبُها المالُ، لم يَثْبُتْ لها حكمٌ؛ لأَنَّه لا يَجِبُ للسَّيِّدِ على عبدِه مالٌ. وإن كان مُوجَبُها قِصاصًا، فقال أبو بكرٍ: ليس (٤٤) له القِصاصُ؛ لأَنَّه إتْلافٌ لمالِه باخْتيارِه. وهذا الذى ذكَره أبو الخَطَّابِ، فى "رُءُوسِ المسائلِ". وقال القاضى: له القِصاصُ؛ لأَنَّه مِن مَصْلَحةِ مِلْكِه، فإنَّه لو لم يَسْتَوْفِه، أفْضَى إلى إقْدامِ بعضِهم على بعضٍ، وليس له العَفْوُ على مالٍ؛ لما ذكرْنا. ولا يجوزُ بَيْعُه فى أرْشِ الجنايةِ؛ لأنَّ الأرْشَ لا يَثْبُتُ له فى رَقَبةِ عَبْدِه. فإن كان الجانى مِن عَبِيدِه ابْنَه، لم يَجُزْ بَيْعُه؛ لذلك. وقال أصحابُ الشافعىِّ: يجوزُ بَيْعُه، فى أحدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأَنَّه لا يَمْلِكُ بَيْعَه قبلَ جِنايَتِه، فيَسْتَفِيدُ بالجنايةِ مِلْكَ بَيْعِه. ولَنا، أنَّه عَبْدُه، فلم يَجِبْ له عليه أرْشٌ (٤٤)، كالأجنبىِّ. وما ذكَرُوه يَنْتَقِضُ بالرَّهْنِ، إذا جَنَى على راهِنِه.

فصل: وإن جَنَى عَبْدُ المُكاتَبِ عليه جِنايةً مُوجَبُها المالُ، كانت هَدْرًا؛ لما ذكرْنا. وإن كان مُوجَبُها القِصاصُ، فله أَنْ يَقْتَصَّ، إن كان فيما دون النَّفسِ؛ لأنَّ العَبْدَ يُقْتَصُّ (٤٥) منه لِسَيِّدِه. وإِنْ عَفَا على مالٍ، سَقَطَ القِصاصُ، ولم يَجبِ المالُ. فإنْ كان الجانى أبَاهُ، لم يُقْتَصَّ منه؛ لأنَّ الوالِدَ لا يُقْتَلُ بوَلَدِه. وإن جَنَى المُكاتَبُ عليه، لم يُقْتَصَّ منه؛ لأنَّ السَّيِّدَ لا يُقْتَصُّ منه لعَبْدِه. وقال القاضى: فيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يُقْتَصُّ منه؛ لأنَّ حُكْمَ الأبِ معه حكمُ الأحْرارِ، بدليلِ أنَّه لا يَمْلِكُ بَيْعَه والتَّصَرُّفَ فيه، وجُعِلَتْ حُرِّيَّتُه مَوْقوفةً على حُرِّيَّتِه. قال: ولا نَعْلَمُ مَوْضِعًا يَقْتَصُّ فيه المَمْلُوكُ من مالِكِه سِوَى هذا المَوْضِعِ.

فصل: وإذا (٤٦) جُنِىَ على المُكاتَبِ فيما دُونَ النَّفْسِ، فأرْشُ الجِنايةِ له، دُونَ


(٤٣) فى أ: "بما". وفى ب: "ما".
(٤٤) سقط من: الأصل.
(٤٥) فى الأصل: "يقص".
(٤٦) فى ب: "وإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>