للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِه، لثلَاثةِ مَعانٍ؛ أحدها، أَنَّ كَسْبَه له، وذلك عِوَضٌ عمَّا يتَعَطَّلُ بقَطع يَدِه مِن كَسْبِه. والثانى، أَنَّ المُكاتَبَة تَسْتَحِقُّ المَهْرَ فى النِّكاحِ، لتَعَلُّقِه بعُضْوٍ من أعْضائِها، كذلك بَدَلُ العُضْوِ. والثالث، أَنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُ مالَ الكتابةِ بَدَلًا عن نَفْسِ المُكاتَبِ (٤٧)، فلا يجوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ عنه عِوَضًا آخَرَ. ثم لا يَخْلُو من ثَلاثةِ أحوالٍ؛ أحدها، أَنْ يكونَ الجانِى سَيِّدَه، فلا قِصاصَ عليه؛ لمَعْنيَيْنِ؛ أحدهما، أنَّه حُرٌ، والمُكاتَبُ عَبْدٌ. والثانى، أنَّه مالِكُه، ولا يُقْتَصُّ من المالِكِ لمَمْلُوكِه، ولكنْ يَجِبُ الأرْشُ، ولا يَجِبُ إِلَّا بانْدِمالِ الجُرْحِ، على ما ذكَرْنا فى الجِناياتِ (٤٨). ولأنَّه قبلَ الانْدِمالِ لا تُؤْمَنُ سِرايَتُه إلى نَفْسِه، فيَسْقُطُ أرْشُه. فإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إن (٤٩) سَرَى الجُرْحُ إلى نَفسِه، انْفَسَخَتِ الكِتابةُ، وكان الحكمُ فيه كما لو قَتَلَه. وإن انْدَمَلَ الجُرْحُ، وجَبَ أرْشُه له على سَيِّدِه. فإن كان من جِنْسِ مالِ الكِتابةِ، وقد حَلَّ عليه نَجْمٌ، تَقَاصَّا، وإن كان من غيرِ جنْسِ مالِ الكِتابةِ، أو كان النَّجْمُ لم يَحِلَّ، لم يتَقاصَّا، ويُطالِبُ كلُّ واحدٍ منهما بما يَسْتَحِقُّه. وإن اتّفَقَا على أن يَجْعَلَ أحَدُهما عِوَضًا عن الآخَرِ، وكانا من جِنْسَيْنِ، لم يَجُزْ؛ لأَنَّه بَيْعُ دَيْنِ بدَيْنِ. فإن قَبَضَ أحَدُهما حَقَّه، ثم دَفَعَه إلى الآخَرِ، عِوَضًا عن حَقِّه، جاز. وإن رَضِىَ المكاتَبُ بتَعْجِيلِ الواجِبِ له عن ما لم يَحِلَّ مِن نُجُومِه، جاز، إذا كان من جِنْسِ مالِ الكِتابةِ. الحال الثانية، إذا كان الجانِى أجْنَبِيًّا حُرًّا، فلا قِصاصَ أيضًا؛ لأنَّ الحُرَّ لا يُقْتَلُ بالعَبْدِ، ولكنْ يُنْظَرُ؛ إن سَرَى الجُرْحُ إلى نَفْسِه، أنْفَسختِ الكِتابةُ، وعلى الجانِى قِيمَتُه لسَيِّدِه، وإن انْدَمَلَ الجرحُ، فعليه أرْشُهُ له. فإن أدَّى الكِتابةَ، وعَتَقَ، ثم سَرَى الجُرْحُ إلى نفسِه، وجَبَتْ دِيَتُه؛ لأنَّ اعْتِبارَ الضَّمانِ بحالةِ الاسْتِقْرارِ، ويكونُ ذلك لوَرَثَتِه. فإن كان الجانى السَّيِّدَ، أو غيرَه من الوَرَثةِ، لم يَرِثْ منه شيئًا؛ لأنَّ القاتِلَ لا يَرِثُ، ويكونُ لبيتِ المالِ، إن لم يَكُنْ له وارِثٌ. ومَن اعْتَبَرَ الجِنايةَ بحالةِ ابْتِدائِها، أوْجَبَ على الجانِى قِيمَتَه، ويكونُ لوَرَثَتِه أيضًا. الحالُ الثالِثُ، إذا كان الجانِى عَبْدًا أو مُكاتَبًا، فإنْ كان مُوجَبُ الجِنايَةِ القصاصَ، وكانت على النَّفْسِ، انْفَسَخَت الكِتابَةُ، وسَيِّدُه مُخَيَّرٌ بينَ القصاصِ


(٤٧) فى م: "المكاتبة".
(٤٨) تقدم فى: ١١/ ٥٦٣.
(٤٩) فى ب: "إذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>