للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولو قَدِمَتِ امْرَأَةٌ من بَلْدِ الرُّومِ، ومعها (٤٠) طِفْلٌ، فأقَرَّ به رَجُلٌ، لَحِقَهُ؛ لِوُجُودِ الإِمْكانِ، وعَدَمِ المُنَازِعِ، لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ دَخَلَ أَرْضَهُم، أو دَخَلَتْ هي دارَ الإِسْلَامِ وَوَطِئَها (٤١)، والنَّسَبُ يُحْتَاطُ لإِثْبَاتِه، ولهذا لو وَلَدَت امْرَأَةُ رَجُلٍ وهو غائِبٌ عنها، بعد عِشْرِينَ سَنَة من غَيْبَتِه، لَحِقَهُ، وإن لم يُعْرَفْ له قُدُومٌ إليها، ولا عُرِفَ لها خُرُوجٌ من بَلَدِهَا.

فصل: وإن أقَرَّ بِنَسَبِ صَغِيرٍ، لم يكُنْ مُقِرًّا بِزَوْجِيَّةِ أُمِّهِ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ، وقال أبو حنيفةَ: إذا كانت مَشْهُورَةً بالحُرِّيَّةِ، كان مُقِرًّا بِزَوْجِيَّتِها؛ لأنَّ أنْسَابَ المُسْلِمِينَ وأحْوَالَهم يَجِبُ حَمْلُها على الصِّحَّةِ، وذلك أن تكونَ وَلَدَتْه منه في نِكَاحٍ صَحِيحٍ. ولَنا، أنَّ الزَّوْجِيَّةَ ليست مُقْتَضَى لَفْظِه ولا مَضْمُونِه، فلم يكُنْ مُقِرًّا بها، كما لو لم تكُنْ مَعْرُوفَةً بالحُرِّيَّةِ. وما ذَكَرُوهُ لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النَسَبَ مَحْمُولٌ على الصِّحَّةِ، وقد يُلْحَقُ بالوطْءِ في النِّكَاحِ الفاسِدِ والشُّبْهَةِ، فلا يَلْزَمُهُ بِحُكمِ إِقْرَارِه، ما لم يَتَضَمَّنْهُ لَفْظُه (٤٢)، ولم يُوجِبْهُ.

فصل: وإذا كان له أمَةٌ لها ثلاثةُ أوْلادٍ، لا زَوْجَ لها، ولا أقَرَّ بِوَطْئِها، فقال: أحَدُ هؤلاءِ وَلَدِى. فإِقْرَارُه صَحِيحٌ، ويُطَالَبُ بالبَيَانِ، فإن عَيَّنَ أحَدَهُم ثَبَتَ نَسَبُه وحُرِّيَّتُه، ثم يُسْأَلُ عن كَيْفِيَّةِ الاسْتِيلَادِ، فإن قال: كان (٤٣) بنِكَاحٍ. فعَلَى الولدِ (٤٤) الوَلَاءُ؛ لأنَّه قد مَسَّهُ رِقٌّ، والأُمُّ وَوَلَدَاها الآخَرَانِ رَقِيقٌ قِنٌّ. وإن قال: اسْتَوْلَدْتُها في مِلْكِى. فالمُقَرُّ به حُرُّ الأَصْلِ، لا وَلَاءَ عليه، والأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ. ثم إن كان المُقَرُّ به الأَكْبَرَ، فأخَوَاهُ أَبْنَاءُ أُمّ وَلَدٍ، حُكْمُهما حُكْمُها في العِتْقِ بمَوْتِ سَيِّدِها. وإن كان


(٤٠) سقطت الواو من: أ، ب، م.
(٤١) في أ، ب: "فوطئها".
(٤٢) في الأصل: "إقراره".
(٤٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤٤) في م: "الوالد".

<<  <  ج: ص:  >  >>