للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن كانت الشَّجَّةُ فوقَ المُوضِحَةِ، فأَحَبَّ أن يَقْتَصَّ مُوضِحةً، جاز ذلك (١٣) بغيرِ خلافٍ بين أصْحابِنا. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه يقْتَصِرُ (١٤) على بعض حَقِّه (١٥)، ويَقْتَصُّ من مَحَلِّ جِنايَتِه، فإنَّه إنَّما يَضَعُ السّكِّينَ في مَوْضِع وضَعَها الجانِى؛ لأنَّ سِكِّينَ الجانِى وصَلَتْ إلى العَظْمِ، ثم تجاوَزَتْه، بخلافِ قاطِعِ السَّاعدِ، فإنَّه لم يَضَعْ سِكِّينَه في الكُوعِ. وهل له أرْشُ ما زاد على المُوضِحَةِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدهما، ليس له ذلك. وهو اختيارُ أبى بكرٍ؛ لأنَّه جُرْحٌ واحدٌ، فلا يُجْمَعُ فيه بين قِصاصٍ ودِيَةٍ، كما لو قَطَعَ الشَّلَّاءَ بالصَّحِيحةِ، وكما في الأنْفُسِ إذا قُتِلَ الكافِرُ بالمُسْلِمِ، والعَبْدُ بالحُرِّ. والثاني، له أرْشُ ما زاد على المُوضِحةِ، اختارَه ابنُ حامدٍ، وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه تعَذَّرَ القِصاصُ فيه، فانْتَقَلَ إلى البَدَلِ، كما لو قَطَعَ إصْبَعَيْه ولم يُمْكِن الاسْتِيفاءُ إلَّا من واحدةٍ، وفارَقَ الشَّلَّاءَ بالصَّحِيحةِ؛ لأنَّ الزِّيادةَ ثَمَّ من حيثُ المعنى، وليست مُتَميِّزةً، بخلافِ مسأَلتِنا.

١٤٤٤ - مسألة؛ قال: (وتُقْطَعُ الْأُذُنُ بِالْأُذُنِ)

أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الأُذُنَ تُؤْخَذُ بِالأُذُنِ، وذلك لقولِ اللَّه تعالى: {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} (١). ولأنَّها تَنْتَهِى إلى حَدٍّ فاصلٍ، فأشْبَهَتِ اليَدَ. وتُؤْخَذُ الكبيرةُ بالصَّغيرةِ، وتُؤْخَذُ أُذُنُ السَّمِيعِ بأُذُنِ السَّمِيعِ [وأُذُنِ الأصَمِّ] (٢)، وتؤخذُ أذنُ الأصَمِّ بكلِّ واحدةٍ منهما؛ لتَساوِيهما، فإنَّ ذهاب السَّمْعِ نَقْصٌ في الرَّأْسِ، لأنَّه مَحَلُّه، وليس بنَقْصٍ فيهما. وتُؤْخَذُ الصَّحِيحةُ بالمَثْقُوبةِ؛ لأنَّ الثَّقْبَ ليس بعَيْبٍ، وإنَّما يُفْعَلُ في العادةِ للقُرْطِ والتَّزَيُّنِ به، فإن كان الثَّقْبُ في غير مَحَلِّه، أو كانت مَخْرُومةً، أُخِذَتْ


(١٣) سقط من: ب.
(١٤) في ب: "مقتصر". وفي م: "يقتص".
(١٥) سقط من: الأصل.
(١) سورة المائدة ٤٥.
(٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>