للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَلِيلِ أنَّ زكاةَ الفِطْرِ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُها بِهِلالِ شَوَّال، وهو زَمَنُ الوُجُوبِ. فإذا ثَبَتَ هذا فإنَّه لا يجوزُ تَقْدِيمُها قبلَ ذلك، لأنَّه يكونُ قبلَ وُجُودِ سَبَبِها.

فصل: وإن عَجَّلَ زكاةَ مَالِه، ثم ماتَ، فأرادَ الوَارِثُ الاحْتِسَابَ بها عن زكاةِ حَوْلِه، لم يَجُزْ. وذكر القاضى وَجْهًا فى جَوَازِه، بِنَاءً على ما لو عَجَّلَ زَكَاةَ عَامَيْنِ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّه تَعْجِيلٌ لِلزكاةِ قبل وُجُودِ سَبَبِها، أشْبَهَ ما لو عَجَّلَ زكاةَ نِصابٍ لغَيْرِه، ثم اشْتَرَاهُ، وذلك لأنَّ سَبَبَ الزكاةِ مِلْكُ النِّصابِ، ومِلْكُ الوَارِثِ حَادِثٌ، ولا يَبْنِى الوَارِثُ على حَوْلِ المَوْرُوثِ، ولأنَّه لم يُخْرِج الزَّكَاةَ، وإنَّما أخْرَجَها غيرُه عن نَفْسِه، وإخْراجُ الغيرِ عنه مِن غيرِ وِلايَةٍ ولا نِيَابَةٍ لا يُجْزِئُ ولو نَوَى، فكيف إذا لم يَنْوِ. وقد قال أصْحَابُنَا: لو أَخْرَجَ زَكَاتَه وقال: إن كان مُوَرِّثِى (٢٤) قد ماتَ فهذه زَكَاةُ مَالِه، فبَانَ أنَّه قد ماتَ، لم يقَعِ المَوْقِع. وهذا أبْلَغُ ولا يُشْبِه هذا تَعْجِيلَ زَكاةٍ لعامَيْنِ (٢٥)؛ لأنَّه ثَمَّ (٢٦) عَجَّلَ بعدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وأخْرَجَها بِنَفْسِه، بخِلافِ هذا. فإن قِيلَ: فإنَّه لمَّا ماتَ المُوَرِّثُ قبلَ الحَوْلِ، كان لِلْوَارِثِ ارْتِجَاعُها، فإذا لم يَرْتَجِعْها احْتَسَبَ بها كالدَّيْنِ. قُلْنا: فلو أرادَ أن يَحْتَسِبَ (٢٧) الدَّيْنَ عن زكاتِه لم يَصِحَّ، ولو كان له عند رَجُلٍ شَاةٌ من غَصْبٍ أو قَرْضٍ، فأرادَ أن يَحْتَسِبَها (٢٨) عن زَكَاتِه، لم تُجْزِهِ.

٤٢١ - مسألة؛ قال: (ومن قَدَّمَ زكَاةَ مَالِه، فأعْطَاهَا لِمُسْتَحِقِّها، فمَاتَ المُعْطَى قَبْلَ الحَوْلِ، أو بَلَغَ الحَوْلَ وَهُوَ غَنِىٌّ مِنْهَا، أو مِنْ غَيْرِها، أجْزَأَتْ عَنْهُ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّه إذا دَفَعَ الزكاةَ المُعَجَّلَةَ إلى مُسْتَحِقِّها، لم يَخْلُ من أَرْبَعَة


(٢٤) فى ب: "موروثى".
(٢٥) فى م: "العامين".
(٢٦) سقط من: أ، ب، م.
(٢٧) فى الأصل: "يحسب".
(٢٨) فى الأصل: "يحتسب".

<<  <  ج: ص:  >  >>