للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقْسامٍ: أحدُها، أنْ لا يَتَغَيَّرَ الحالُ، فإنَّ المَدْفُوعَ يَقَعُ مَوْقِعَهُ، ويُجْزِئ عن المُزَكِّى، ولا يَلْزَمُه بَدَلُه، ولا لَه اسْتِرْجَاعُه، كما لو دَفَعَها بعد وُجُوبِها. الثانى، أن يَتَغَيَّرَ حَالُ الآخِذِ لها، بأن يَمُوتَ قبلَ الحَوْلِ، أو يَسْتَغْنِىَ، أو يَرْتَدَّ قبلَ الحَوْلِ. فهذا فى حُكْمِ القِسْمِ الذى قَبْلَه، وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يُجْزِئ؛ لأنَّ ما كان شَرْطًا لِلزَّكَاةِ إذا عَدِمَ قبلَ الحَوْلِ لم يُجْزِ، كما لو تَلِفَ المالُ، أو مَاتَ رَبُّهُ. ولَنا، أنَّه (١) أدَّى الزكاةَ إلى مُسْتَحِقِّها، فلم يَمْنَع الإجْزَاءَ تَغَيُّرُ حَالِه، كما لو اسْتَغْنَى بها، ولأنَّه حَقٌّ أدَّاهُ إلى مُسْتَحِقِّه، فَبَرِئ منه، كالدَّيْنِ يُعَجِّلُه (٢) قبلَ أجَلِه، وما ذَكَرُوهُ مُنتَقِضٌ بما إذا اسْتَغْنَى بها، والحُكْمُ فى الأصْلِ مَمْنُوعٌ، ثم الفَرْقُ بَيْنَهُما ظَاهِرٌ، فإنَّ المالَ إذا تَلِفَ تَبَيَّنَ عَدَمُ الوُجُوبِ؛ فأشْبَهَ ما لو أدَّى إلى غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ يَظُنُّها عليه، فتَبَيَّنَ أنَّها ليست عليه، وكما لو (٣) أدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ، فبَانَ أنَّ المَضْمُونَ عنه قد قَضاهُ، وفى مَسْأَلَتِنا الحَقُّ وَاجِبٌ، وقد أخَذَهُ مُسْتَحِقُّهُ. القِسْمُ الثَّالِث، أن يَتَغَيَّرَ حَالُ رَبِّ المَالِ قبلَ الحَوْلِ بِمَوْتِه أو رِدَّتِه، أو تَلَفِ النِّصَاب، أو نَقْصِه (٤)، أو بَيْعِه، فقال أبو بكرٍ: لا يَرْجِعُ بها على الفَقِيرِ، سَوَاءٌ أعْلَمَهُ أنَّها زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ أو لم يُعْلِمْهُ. قال (٥) القاضى: وهو المذهبُ عِنْدِى؛ لأنَّها وَصَلَتْ إلى الفَقِيرِ فلم يكنْ له ارْتِجَاعُها، كما لو لم يُعْلِمْهُ، ولأنَّها زَكاةٌ دُفِعَتْ إلى مُسْتَحِقِّها، فلم يَجُزِ اسْتِرْجَاعُها، كما لو تَغَيَّرَ حَالُ الفَقِيرِ وَحْدَه. قال أبو عبدِ اللهِ ابنُ حامِدٍ: إن كان الدَّافِعُ لها السَّاعِى، اسْتَرْجَعَها بكلِّ حالٍ، وإن كان الدَّافِعُ رَبَّ المالِ، وأَعْلَمَهُ أنَّها زكاةٌ مُعجَّلَةٌ، رَجَعَ بها، وإن أَطْلق لم يَرْجِعْ بها (٦).


(١) فى أ، ب، م زيادة: "إذا".
(٢) فى م: "يتعجله".
(٣) سقط من: م.
(٤) فى م: "نفسه".
(٥) فى م: "وقال".
(٦) سقط من الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>