للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرَّةٌ. فإن لم تكُنْ كذلك، لم تَمْلِكِ الفَسْخَ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. والصحيحُ خِلافُ هذا، فإنَّ (٣٨) الصحابةَ الذين قَضَوْا بالرُّجُوعِ، لم يُفَرِّقُوا بين أنواعِ الغُرُورِ، ولم يَسْتَفْصِلُوا، والظَّاهرُ أَنَّ العَقْدَ لم يَقَعْ هكذا، ولم تَجْرِ العادةُ به فى العُقُودِ، فلا يجوزُ حَمْلُ قَضائِهِم المُطْلَقِ على صُورةٍ نادرةٍ لم تُنْقَلْ، ولأنَّ الغُرُورَ قد يكونُ من المَرْأةِ، ولا لَفْظَ لها فى العَقْدِ، ولأنَّه متى أخبَرَه بحُرِّيَّتِها، أو أوْهَمَه ذلك بقَرائِنَ تُغَلِّبُ على ظَنِّه حُرِّيَّتَها، فنَكَحَها على ذلك، ورَغِبَ فيها بِناءً عليه، وأصْدَقَها صَداقَ الحَرائرِ، ثم لَزِمَه الغُرْمُ، فقد (٣٩) اسْتَضَرَّ بِناءً على قولِ المُخْبِرِ له والغَارِّ، فتَجِبُ إزالةُ الضَّرَرَ عنه، بإثْباتِ الرُّجُوعِ على مَنْ غَرَّه وأضَرَّ به. فعلى هذا، إن كان الغُرُورُ من اثْنَيْنِ أو أكْثَرَ، فالرجوعُ على جَمِيعِهم، وإن كان الغُرُورُ (٤٠) منها ومن الوَكِيلِ، فعلى كلِّ واحدٍ منهما نِصْفُه. واللَّه أعلم.

الفصل السادس: أَنَّ الزَّوْجَ إن كان مِمَّنْ يَحْرُمُ عليه نِكاحُ الإِماءِ، وهو من (٤١) يَجِدُ الطَّوْلَ، أو لا يَخْشَى العَنَتَ، فإنَّه يُفَرَّقُ بينهما؛ لأنَّنا بَيَّنَّا أَنَّ النِّكاحَ فاسِدٌ من أصْلِه، لعَدَمِ شَرْطِه. وهكذا لو كان تَزْوِيجُها بغيرِ إذْنِ سَيِّدِها، أو اخْتَلّ شرطٌ من شُروطِ النِّكاحِ، فهو فاسدٌ، يُفرَّقُ بينهما. والحكمُ فى الرُّجُوعِ على ما ذكَرْنا. وإن كان ممَّن يجوزُ له نِكاحُ الإِمَاءِ، وكانت شَرَائِطُ النِّكاحِ مُجْتَمِعةً، فالعقدُ صحيحٌ، وللزَّوْجِ الخِيارُ بين الفَسْخِ والمُقامِ على النِّكاحِ. وهذا معنى قولِ الْخِرَقِىِّ: "فرَضِىَ بالْمُقامِ" معها [على النِّكاحِ] (٤٢)، وهذا (٤٣) الظَّاهرُ من مذهبِ الشافعىِّ. وقال


(٣٨) فى م: "قال لأن".
(٣٩) فى ب: "قد".
(٤٠) فى ب، م: "الغرر".
(٤١) فى أ، ب، م: "ممن".
(٤٢) سقط من: الأصل، أ، ب. وكلام الخرقى ينتهى عند علامة التنصيص السابقة.
(٤٣) فى ب: "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>