للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْنَ يَحِلُّ بالموتِ. أَنْ يضربَ بجميعِ مالِ الكتابَةِ؛ لأَنَّه قد صارَ حَالًّا. والمذهبُ الأَوَّلُ، الذى نَقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وقد رَوَى سعيدٌ، فى "سُنَنِه"، حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، أنا منصورٌ وسعيدٌ، عن قتادَةَ، قال: ذكرتُ لسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ قولَ شُرَيْحِ فى المُكاتَبِ إذا ماتَ وعليه دَيْنٌ، وبَقِيَّةٌ من مُكاتَبتِه، فقلتُ: إنّ شُرَيْحًا قَضَى أنّ مَوْلاهُ يضْرِبُ مع الغُرَماءِ. فقال سعيدٌ: أَخْطَأَ شُرَيحٌ، قَضَى زيدٌ بالدَّيْنِ قبلَ المُكاتَبَةِ (٥٤).

١٩٩٦ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَاتَبَهُ، ثُمَّ دَبَّرَهُ، فَإِذَا أَدَّى، صَارَ حُرًّا، وإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الأَدَاءِ، عَتَقَ بالتَّدْبِيرِ، إِنْ حَمَلَ الثُّلثَ، مَا بَقِىَ عَلَيْهِ (١) مِن كِتَابَتِهِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بمِقْدارِ الثُّلُثِ، وسَقَطَ مِنَ الْكِتَابَةِ بِمِقْدَارِ مَا عَتَقَ، وَكَانَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِىَ)

وجُمْلَةُ دلك أَنَّ تَدْبِيرَ المُكاتَبِ صحيحٌ. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأَنَّه تَعْلِيقُ عِتْقٍ بصِفَةٍ، وهو يَمْلِكُ إعْتاقَه، وإِنْ كان وَصِيَّةً، فهو وَصِيَّةٌ بإعْتاقِه، وهو يَمْلِكُه. فعندَ هذا، إِنْ أدَّى عَتَقَ بالأداءِ؛ لأَنَّه سَبَبٌ للعِتْقِ، ويبْطُلُ التَّدْبِيرُ للغِنَى عنه، وما فى يَدِه له. وإِنْ عَجَزَ، وفُسِخَتِ الكتابَةُ، بطَلت كِتابَتُه، وصارَ مُدبَّرًا غيرَ مُكاتَبٍ. فإذا ماتَ السَّيِّدُ، عَتَقَ إِنْ خَرجَ من الثُّلثِ، وما فى يَدِه لسَيِّدِه. وإِنْ لم يخْرُجْ مِن الثُّلثِ، عَتَقَ منه بقَدْرِ الثُّلثِ، فإنْ ماتَ السَّيِّدُ قبلَ أدائِه وعَجْزِه، عَتَقَ بالتَّدْبيرِ، إِنْ حَمَلَه الثُّلثُ، وإِنْ لم يخْرُجْ من الثُّلثِ، عَتَقَ منه بقَدْرِ الثُّلثِ، وسقَط من الكتابَةِ بقَدْرِ ما عَتَقَ؛ لأنَّ مالَ الكتابَةِ عِوَضٌ عنه، فإذا عَتَقَ نِصْفُه، وجَبَ أَنْ يسْقُطَ نصفُ الكتابَةِ؛ لأَنَّه لم تَبْقَ الكتابةُ إِلَّا فى نِصْفِه، فلم يَبْقَ عليه مِن مالِها إلَّا بقَدْرِ ذلك، وهو على الكتابَةِ فيما بَقِىَ، وما فى يَدِه له. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال أصحابُنا: إذا عَتَقَ بالتَّدْبيرِ، بطَلتِ الكتابَةُ، وكان ما فى يَدِه لسَيِّدِه، كما لو بطَلتِ الكتابَةُ بعَجْزِه؛ لأَنَّه عبْدٌ عَتَقَ بالتَّدْبِيرِ،


(٥٤) فى م: "الكتابة".
وأخرجه البيهقى، فى: باب إفلاس المكاتب، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى ١٠/ ٣٣٢، ٣٣٣. وعبد الرزاق، فى: باب إفلاس المكاتب، من كتاب المكاتب. المصنف ٨/ ٤١٣. وابن أبى شيبة، فى: باب المكاتب يموت ويترك دينا. . .، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ٣٩٥، ٣٩٦.
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>