للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدَ الرُّجُوعِ، وقَبْلَ العِلْمِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، بنَاءً على عَزْلِ الوَكِيلِ قبلَ عِلْمِه. فإن اخْتَلَفَا فى الرُّجُوعِ قبلَ البَيْعِ، فقال القاضى: القولُ قولُ المُرْتَهِنِ أيضا؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وعَدَمُ البَيْعِ قبلَ الرُّجُوعِ، فتَعَارَضَ الأَصْلانِ، وبَقِيَتِ العَيْنُ رَهْنًا على ما كانتْ (٧). وبهذا كلِّه قال الشَّافِعِىُّ. وهذا فيما لا يُحْتَاجُ إلى بَيْعِه، فأمَّا ما دَعَتِ الحاجَةُ إلى بَيْعِه، كالذى خِيفَ تَلَفُه، إذا أذِنَ فى بَيْعِه مُطْلَقًا، تَعَلَّقَ الحَقُّ بِثَمَنِه؛ لأنَّ بَيْعَهُ مُسْتَحقٌّ، فأشْبَه ما بِيعَ بعدَ حُلُولِ الدَّيْنِ.

فصل: إذا حَلَّ الحَقُّ، لَزِمَ الرَّاهِنَ الإِيفَاءُ؛ لأنَّه دَيْنٌ حَالٌّ، فلَزِمَ إِيفَاؤُه، كالذى لا رَهْنَ بِه، فإن لم يُوَفِّ، وكان قد أَذِنَ لِلْمُرتَهِنِ أو لِلْعَدْلِ فى بَيْعِ الرَّهْنِ، بَاعَهُ، وَوَفَّى الحَقَّ من ثَمَنِه، وما فَضَلَ من ثَمَنِه فَلِمَالِكِه، وإن فَضَلَ من الدَّيْنِ شىءٌ فعَلَى الرَّاهِنِ. وإن لم يكُنْ أَذِنَ لهما فى بَيْعِه، أو كان قد أذِنَ لهما ثم عَزَلَهُما، طُولِبَ بالوَفَاءِ أو بَيْعِ (٨) الرَّهْنِ، فإن فَعَلَ، وإلَّا فَعَلَ الحاكِمُ ما يَرَى من حبْسِه وتَعْزِيرِه لِبَيْعِه، أو يَبِيعُه بِنَفْسِه أو أمِينِه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَبِيعُه الحاكِمُ؛ لأَنَّ وِلَايَةَ الحاكِمِ على مَن عليه الحَقُّ، لا على مَالِه، فلم يَنْفُذْ بَيْعُه بغيرِ إِذْنِه. ولَنا، أنَّه حَقٌّ تَعَيَّنَ عليه، فإذا امْتَنَعَ من أدَائِه. قَامَ الحاكِمُ مَقَامَهُ فى أَدَائِه كالإِيفَاءِ مِن جِنْسِ الدَّيْنِ، وإن وَفَّى الدَّيْنَ من غيرِ الرَّهْنِ، انْفَكَّ الرَّهْنُ.

٧٩٩ - مسألة؛ قال: (وَالْمُرْتَهِنُ أحَقُّ بِثَمَنِ الرَّهْنِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ، حَتَّى يَسْتَوْفِىَ حَقَّهُ، حَيًّا كان الرَّاهِنُ أو مَيِّتًا)

وجملتُه أنَّه إذا ضَاقَ مالُ الرَّاهِنِ عن دُيُونِه، وطالَبَ الغُرَماءُ بِدُيُونِهم، أو حُجِرَ عليه لِفَلَسِه، وأُرِيدَ قِسْمَةُ مَالِه بينَ غُرَمَائِه، فأوَّلُ مَن يُقَدَّمُ مَنْ له أرْشُ جِنَايَةٍ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ بعضِ عَبِيدِ المُفْلِسِ؛ لما ذَكَرْنَا من قبلُ، ثم مَنْ له رَهْنٌ؛ فإنَّه يُخَصُّ بِثَمَنِه


(٧) فى النسخ زيادة: "القول" ولم نجد له توجيها.
(٨) فى م: "وبيع".

<<  <  ج: ص:  >  >>