للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُغْنَمْ. واحْتَجَّ بأنَّها بُقْعَةٌ من دارِ الحرْبِ، فجازَ اغْتِنامُها، كما لو كانَتْ لِحَرْبِىٍّ. ولَنا، أنَّه مالُ مسلِمٍ، فأشْبَهَ ما لو كانتْ (١٨) فى دارِ الإِسْلامِ.

فصل: إذا اسْتأْجَرَ المسلمُ أرضًا من حَرْبِىٍّ، ثم اسْتَوْلَى عليها المسلمون، فهى غَنِيمةٌ، ومنَافِعُها للمُسْتأْجِرِ؛ لأنَّ المنافعَ مِلْكُ المسلمِ. فإنْ قيلَ: فلِمَ أَجَزْتُم اسْتِرْقاقَ الكافِرَةِ الحَرْبيَّةِ إذا كان زوجُها قد أسلَمَ، وفى استرقاقِها إبْطالُ حَقِّ زَوْجِها؟ قُلْنا: يجوزُ اسْتِرْقاقُها؛ لأنَّها كافِرَةٌ، ولا (١٩) أمانَ لها، فجازَ اسْتِرْقاقُها، كما لو لم تكُنْ زوجةَ مسلمٍ، ولا يبْطُلُ نِكاحُه، بل هو باقٍ، ولأنَّ مَنْفَعةَ النِّكاحِ لا تَجْرِى مَجْرَى الأمْوالِ، بدليلِ أنَّها لا تُضْمَنُ بالْيَدِ، ولا يجوزُ أخْذُ العِوَضِ عنها، بخلافِ حَقِّ الإِجارَةِ.

فصل: إذا أسْلَم عبدُ الْحَرْبِىِّ أو أَمَتُه، وخرَجَ إلينا، فهو حرٌّ، وإنْ أسَرَ سَيِّدَه وأولادَه، وأخَذَ مالَه، وخرجَ إلينا، فهو حُرٌّ، والمالُ له، والسَّبْىُ رَقِيقُه. وإنْ أسلمَ وأقامَ بدارِ الحرْبِ، فهو على رِقِّه. وإنْ أسْلَمَت أمُّ ولَدِ الْحَرْبِىِّ، وخرَجَتْ إلينا، عَتَقَتْ، واسْتَبْرَأَت نَفْسَها. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. قال ابنُ المُنْذِر: وقال به كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهلِ العِلْمِ، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ قال فى أُمِّ الولدِ: تَزَوَّجُ إن شاءَتْ من غيرِ اسْتِبْراءٍ. وأهلُ العلمِ على خلافِه، لأنَّها أمُّ ولدٍ عَتَقَتْ، فلم يجُزْ أنْ تتزوَّجَ بغيرِ اسْتِبْراءٍ، كما لو كانت لذِمِّىٍّ. وروَى سعيدُ بنُ منصورٍ (٢٠): حَدَّثَنا يَزيدُ بن هارونَ، عن الحَجَّاجِ، عن الحَكَمِ، عن مِقْسَمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: كان رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعْتِقُ العَبِيدَ إذا جاءُوا قبلَ مَواليهم. وعن أبى سعيدٍ الأَعسَمِ، قال: قضَى رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى العبدِ وسيِّدِه [قَضِيَّتَيْن؛ قَضَى أنَّ العبدَ إذا خرَجَ من دارِ الحرْبِ قبلَ سَيِّدِه أنَّه حُرٌّ، فإنْ خرَجَ سيِّدُه] (٢١) بعدُ، لم يُرَدَّ عليه، وقَضَى أنَّ السَّيِّدَ إذا خرَجَ قبلَ العَبْدِ ثم خرَجَ العبْدُ، رُدَّ على


(١٨) فى النسخ: "كاتب" تصحيف.
(١٩) سقطت الواو من: أ.
(٢٠) فى: باب العبد ومولاه من العدو يخرجان من أرض العدو، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٩٠.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب من جاء من عبيد أهل الحرب مسلما، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢٢٩، ٢٣٠.
(٢١) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>