للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحْتَمَل أن لا يَلْزَمَه، فإن أحمدَ، رَحِمَه اللَّه، قال في الذي في السَّفِينَةِ لا يَقْدِرُ على أن يَسْتَتِمَّ قائِمًا، لِقِصَرِ سَمَاءِ السَّفِينَةِ: يُصَلِّي قَاعِدًا، إلَّا أن يكونَ شَيْئًا يَسِيرًا. فيُقَاسُ عليه سائِرُ ما في مَعْناه؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلِّ قَائِمًا، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا" وهذا لم يَسْتَطِعِ القِيَامَ.

فصل: [ومن قَدَرَ على القِيَامِ، وعَجَزَ عن الرُّكُوعِ أو السُّجُودِ، لم يَسْقُطْ عنه القِيَامُ] (١٠)، ويُصَلِّى قائِمًا، فَيُومِئُ بالرُّكُوعِ، ثم يَجْلِسُ فَيُومِئُ بالسُّجُودِ. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَسْقُطُ القِيَامُ. ولأنَّها صَلَاةٌ لا رُكُوعٌ فيها ولا سُجُودٌ، فسَقَطَ فيها القِيَامُ كصَلَاةِ النَّافِلَةِ على الرَّاحِلَةِ. ولَنا، قَولُ اللَّه تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (١١). وقولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلِّ قَائِمًا". ولأنَّ القِيَامَ رُكْنٌ قَدَرَ عليه، فَلَزِمَهُ الإِتْيَانُ به، كالقِرَاءَةِ، والعَجْزُ عن غيرِه لا يَقْتَضِى سُقُوطَه (١٢)، كما لو عَجَزَ عن القِرَاءَةِ، وقِيَاسُهم فاسِدٌ لِوُجُوهٍ: أحدُها، أنَّ الصَّلَاةَ على الرَّاحِلَةِ لا يَسْقُطُ فيها الرُّكُوعُ. والثاني، أنَّ النَّافِلَةَ لا يَجِبُ فيها القِيَامُ، فما (١٣) سقَطَ على الرَّاحِلَةِ لسُقُوطِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ. والثالثُ، أنه مَنْقُوضٌ بِصَلَاةِ الجِنَازَةِ.

فصل: وإن قَدَرَ المَرِيضُ على الصَّلَاةِ وَحْدَهُ قَائِمًا، ولا يَقْدِرُ على ذلك مع الإِمامِ لِتَطْوِيلهِ، احْتَمَلَ (١٤) أن يَلْزَمَهُ القِيَامُ ويُصَلِّىَ وَحْدَهُ؛ لأنَّ القِيَامَ آكَدُ لِكَوْنِه رُكْنًا في الصَّلَاةِ لا تَتِمُّ إلَّا به، والجَمَاعَةُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِها، واحْتَمَلَ أنَّه مُخَيَّرٌ بين الأمْرَيْنِ، لأنَّنا أبَحْنَا له تَرْكَ القِيَامِ المَقْدُورِ عليه، مع إمَامِ الحَيِّ العاجِزِ عن القِيَامِ، مُرَاعَاةً لِلْجَماعةِ، فههُنا أوْلَى، ولأنَّ الأجْرَ (١٥) يَتَضَاعَفُ بالجَمَاعَةِ أكْثَرَ


(١٠) سقط من: أ.
(١١) سورة البقرة ٢٣٨.
(١٢) في الأصل: "سقوط القيام".
(١٣) لعل الصواب: "كما".
(١٤) في م: "يحتمل".
(١٥) في م: "العجز" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>