للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِوَضٍ. ولا يَلْزَمُ من جَوَازِ ذلك جَوَازُه فى العَقْدِ، أو مع الشَّرْطِ (٣٣) كَبَيْعِ [دِرْهَمٍ بدِرْهميْن] (٣٤). ويُفَارِقُ ما إذا اشْتَرَى العُرُوضَ بِثَمَنِ مِثْلِها؛ لأنَّه لم يَأْخُذْ عن الحُلُولِ عِوَضًا. فأما إن صَالَحَهُ عن أَلْفٍ حَالَّة (٣٥) بِنِصْفِهَا مُؤَجَّلًا، فإن فَعَلَ ذلك اخْتِيَارًا منه، وتَبَرُّعًا به، صَحَّ الإِسْقَاطُ، ولم يَلْزَمِ التَّأْجِيلُ؛ لأنَّ الحالَّ لا يَتَأَجَّلُ بالتَّأْجِيلِ، على ما ذَكَرْنا فيما مَضَى، والإِسْقَاطُ صَحِيحٌ. وإن فَعَلَهُ لِمَنْعِه من حَقِّه بدونِه، أو شَرَطَ ذلك في الوَفَاءِ، لم يَسْقُطْ شىءٌ أيضا. على ما ذَكَرْنا فى أَوَّلِ البَابِ. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ فى هذا رِوَايَتَيْنِ، أَصَحُّهما لا يَصِحُّ. وما ذَكَرْنا من التَّفْصِيلِ أَوْلَى، إن شاءَ اللَّه تعالى.

فصل: ويَصِحُّ الصُّلْحُ عن المَجْهُولِ، سواءٌ كان عَيْنًا أو دَيْنًا، إذا كان مِمَّا لا سَبِيلَ إلى مَعْرِفَتِه. قال أحمدُ فى الرَّجُلِ يُصَالِحُ على (٣٦) الشَّىْءِ، فإن عَلِمَ أنَّه أكْثَرُ منه، لم يَجُزْ إلَّا أن يُوقِفَهُ عليه، إلَّا أن يكونَ مَجْهُولًا لا يَدْرِى ما هو، ونَقَلَ عنه عبْدُ اللَّه، إذا اخْتَلَطَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ بِقَفِيزِ شَعِيرٍ، وطُحِنَا، فإن عَرَفَ قِيمَةَ دَقِيقِ الحِنْطَةِ ودَقِيقِ الشَّعِيرِ، بِيعَ هذا، وأُعْطِىَ كلُّ واحدٍ منهما قِيمَةَ مَالِه، إلَّا أن يَصْطَلِحَا على شَىْءٍ ويَتَحَالَّا. وقال ابن أبي موسى: الصُّلْحُ الجائِزُ هو صُلْحُ الزَّوْجَةِ من صَدَاقِهَا الذي لا بَيِّنَةَ لها به، ولا عِلْمَ لها، ولا لِلْوَرَثَةِ بِمَبْلَغِه، وكذلك الرَّجُلَانِ يكون بَيْنَهما المُعَامَلَةُ والحِسَابُ الذى قد مَضَى عليه الزَّمَانُ الطَّوِيلُ، لا عِلْمَ لكلِّ واحدٍ منهما بما عليه لِصَاحِبِه، فيجوزُ الصُّلْحُ بَيْنَهما، وكذلك مَن عليه حَقٌّ لا عِلْمَ له بِقَدْرِه، جَازَ أن يُصَالِحَ عليه، وسواء كان صَاحِبُ الحَقِّ يَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ ولا بَيِّنَةَ له، أو لا عِلْمَ له. ويقول القَابِضُ: إن كان لى عليك حَقٌّ فأَنْتَ في حِلٍّ منه (٣٧). ويقول الدَّافِعُ: إن كنت أَخَذْتَ مِنِّى أكْثَرَ من حَقِّكَ فأَنْتَ منه فى حِلٍّ.


(٣٣) فى أ، م: "الشركة".
(٣٤) فى م: "درهمين".
(٣٥) فى الأصل، أ: "حال".
(٣٦) فى ب: "عن".
(٣٧) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>