للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُفَّيْهِ، ظَنًّا منه أنَّ ذلك يُجْزِئُ (١٣) عنه وصَلَّى، ثم تَبَيَّنَ أنَّ خُفَّهُ كان مُخَرَّقًا، وكما لو ظَنَّ المُحْدِثُ أنَّه مُتَطَهِّرٌ فصَلَّى. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَلْزَمَ الإِعادَةُ إذا كان عَدُوًّا بينهم وبينه ما يَمْنَعُ العُبُورَ؛ لأنَّ السَّبَبَ لِلْخَوْفِ مُتَحَقِّقٌ، وإنَّما خَفِىَ المانِعُ.

٣١٨ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أَمِنَ وَهُوَ في الصَّلَاةِ، أتَمَّهَا صَلَاةَ آمِنٍ، وكَذَلِكَ (١) إنْ كَانَ آمِنًا، فَاشْتَدَّ خوْفُه، أَتَمَّها صَلَاةَ خائِفٍ)

وجُمْلَتُه أنَّه إذا صلَّى بعضَ الصلاةِ حالَ شِدَّةِ الخَوْفِ، مع الإِخْلالِ بِشىءٍ من وَاجِبَاتِها، كالاسْتِقْبَالِ وغيرِه، فأمِنَ في أثْناء الصلاةِ، أتَمَّها آتِيًا بِوَاجِباتِها، فإذا كان رَاكِبًا إلى غيرِ القِبْلَةِ، نَزَلَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وإن كان مَاشِيًا، وَقَفَ واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَبنَى على ما مَضَى؛ لأنَّ ما مَضَى كان صَحِيحًا قبلَ الأمْنِ، فجاز البِناءُ عليه، كما لو لم يُخِلَّ بشيءٍ من الوَاجِباتِ. وإن تَرَكَ الاسْتِقْبالَ حالَ نُزُولِهِ، أو أخَلَّ بِشىءٍ من وَاجِباتِها بعدَ أمْنِه، فَسَدَتْ صلاتُه. وإن ابْتَدَأَ الصلاةَ آمِنًا بِشُرُوطِها وواجِبَاتِها، ثم حَدَثَ شِدَّةُ خَوْفٍ، أتَمَّها، على حَسَبِ ما يَحْتَاجُ إليه، مثلُ أن يكونَ قَائِمًا على الأرْضِ مُسْتَقْبِلًا، فَيْحَتاجُ أن يَرْكَبَ ويَسْتَدبرَ القِبْلَةَ، أتَمَّها على حَسَبِ ما يَحْتَاجُ إليه، ويَطْعَنُ ويَضْرِبُ ونحوَ ذلك، فإنَّه يَصِيرُ إليه، ويَبْنِى على ما مَضَى من صلاتِه. وحُكِىَ عن الشَّافِعِىِّ أنَّه إذا أمِنَ نَزَلَ فبَنَى، وإذا خافَ فرَكِبَ ابْتَدَأَ؛ لأنَّ الرُكُوبَ عَمَلٌ كَثِيرٌ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ الرُّكُوبَ قد يكونُ يَسِيرًا، فمثلُه في حَقِّ الآمِنِ لا يُبْطِلُ، ففى حَقِّ الخَائِفِ أوْلَى كالنُّزُولِ، ولأنَّه عَمَلٌ أُبِيحَ لِلْحاجَةِ، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ الصلاةِ كالهَرَبِ.


(١٣) في الأصل: "مجزىء".
(١) في الأصل: "وهكذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>