للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَمَّارَةَ راعٍ، فوضعَ أُصْبُعَيْهِ فى أُذْنَيْهِ، ثمَّ عدَلَ عن الطَّريقِ، فلم يزَلْ لِقول: يا نافعُ، أتسمعُ؟ حتى قلتُ: لا. فأخرجَ أُصْبُعَيْهِ من (١٣) أُذُنَيْهِ، ثم رجعَ إلى الطريقِ، ثم قال: هكذا رأيتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صنَعَ. رَواه أبو داودَ (١٤)، والخَلَّالُ. ولأنَّه يُشاهِدُ المُنْكَرَ ويسمعُه، مِن غيرِ حاجةٍ إلى ذلك، فمُنِعَ منه، كما لو قدَر على إزالتِه. ويُفارِقُ مَن له جاز مقيمٌ على المنكرِ والزَّمْرِ، حيث يُباحُ له المُقَامُ، فإِنَّ تلك حالُ حاجةٍ؛ لما فى الخُروجِ مِن المنزلِ مِن الضَّررِ.

فصل: فإنْ رَأى نُقُوشًا، وصُوَرَ شَجَرٍ، ونحوَها، فلا بأسَ بذلك؛ لأنَّ تلك نقوشٌ، فهى (١٥) كالعَلَمِ فى الثَّوبِ (١٦). وإِنْ كانت فيه صُوَرُ حَيَوانٍ، فى موضع يُوطَأُ أو يُتَّكَأُ عليها، كالتى فى البُسُطِ، والوَسائدِ، جازَ أيضًا. وإِنْ كانت على السُّتُورِ والحيطانِ، وما لا يُوطأُ، وأمكنَه حَطُّها، أو قطْعُ رُءوسِها، فعَلَ وجلَسَ، وإِنْ لم يُمْكِنْ ذلك، انصرفَ ولم يجلسْ؛ وعلى هذا أكثرُ أهلِ العلْمِ، قال ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا أعْدَلُ المذاهبِ. وحكاه عن سعدِ بنِ أبى وَقَّاصٍ، وسالمٍ، وعُروةَ، وابنِ سِيرينَ، وعَطاءٍ، وعِكْرِمَةَ بنِ خالدٍ، وعِكْرِمَةَ مولى ابنِ عباسٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ، وكان أبو هُرَيْرةَ يكرهُ التَّصَاويرَ، ما نُصِبَ منها وما بُسطَ. وكذلك مالكٌ، إلَّا أنَّه كان يكرهُها تَنَزُّهًا (١٧)، ولا يراها مُحرَّمةً. ولعلَّهُم يذهبونَ إلى عُمومِ قولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ". مُتَّفَقٌ عليه (١٨). ورُوِىَ عن ابنِ


(١٣) فى الأصل: "عن".
(١٤) فى: باب كراهية الغناء والزمر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٧٩.
(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) فى الأصل، أ: "ثوب".
(١٧) فى الأصل: "تنزيها".
(١٨) أخرجه البخارى، فى: باب إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم، من كتاب بدء الخلق، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، من كتاب الأنبياء، وفى: باب حدثنى. . .، من كتاب المغازى، وفى: باب هل يرجع إذا رأى منكرا فى الدعوة، من كتاب النكاح، وفى: باب من كره القعود على الصورة، من كتاب اللباس، صحيح البخارى ٤/ ١٥٨، ١٦٩، ١٧٠، ٥/ ١٠٥، ٧/ ٣٣، ٧/ ٢١٦. ومسلم، فى: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من كتاب اللباس. صحيح مسلم ٣/ ١٦٦٥، ١٦٦٦. =

<<  <  ج: ص:  >  >>