للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبْعِيضِ صَفْقَةِ المُشْتَرِى، ولأنَّه قد [يَرْضَى شَرِكَةَ] (٣٠) أحدِ المُشْتَرِيَيْنِ دُون الآخَرِ بخِلَافِ التي قبلَها؛ فإنَّ المُشْتَرِىَ واحِدٌ.

٨٨٢ - مسألة؛ قال: (وعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِى، وعُهْدَةُ الْمُشْتَرِى عَلَى الْبائِعِ)

يعني أنَّ الشَّفِيعَ إذا أخَذَ الشِّقْصَ، فظَهَرَ مُسْتَحَقًّا، فرُجُوعُه بالثَّمَنِ على المُشْتَرِى، ويَرْجِعُ (١) المُشْتَرِى على البائِعِ. وإن وَجَدَه مَعِيبًا فله رَدُّه على المُشْتَرِى، أو أخْذُ أرْشِه منه، والمُشْتَرِى يَرُدُّ على البائِعِ، أو يَأْخُذُ الأَرْشَ منه، سواءٌ قَبَضَ الشِّقْصَ من المُشْتَرِى أو من البائِعِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال ابنُ أبي لَيْلَى، وعُثْمانُ الْبَتِّىُّ: عُهْدَة الشَّفِيعِ على البائعِ؛ لأنَّ الحَقَّ ثَبَتَ له بإِيجابِ البائعِ، فكان رُجُوعُه عليه، كالمُشْتَرِى. وقال أبو حنيفةَ: إن أخَذَه من المُشْتَرِى، فالعُهْدَةُ عليه، وإن أخَذَه من البائعِ فالعُهْدَةُ عليه؛ لأنَّ الشَّفِيعَ إذا أخَذَهُ من البائعِ تَعَذَّرَ قَبْضُ المُشْتَرِى، فيَنْفَسِخُ البَيْعُ بين البائعِ والمُشْتَرِى، فكان الشَّفِيعُ آخِذًا من البائِع، مالِكًا من جِهَتِه، فكانت عُهْدَتُه عليه. ولَنا، أنَّ الشُّفْعةَ مُسْتَحَقَّةٌ بعدَ الشِّرَاءِ وحُصُولِ المِلْكِ للمُشْتَرِى، ثم يَزُولُ المِلْكُ من المُشْتَرِى إلى الشَّفِيعِ بالثَّمَنِ. فكانت العُهْدَةُ عليه، كما لو أخَذَه منه بِبَيْعٍ، ولأنَّه مَلَكَه من جِهَةِ المُشْتَرِى بالثَّمَنِ، فمَلَكَ رَدَّه عليه بالعَيْبِ، كالمُشْتَرِى في البَيْعِ الأولِ. وقِيَاسُه على المُشْتَرِى، في جَعْلِ عُهْدَتِه على البائِع، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ مَلَكَه من البائعِ، بخِلَافِ الشَّفِيعِ. وأمَّا إذا أخَذَه من البائعِ، فالبائِعُ نائِبٌ عن المُشْتَرِى في التَّسْلِيمِ المُسْتَحَقِّ عليه. ولو انْفَسَخَ العَقْدُ بين المُشْتَرِى والبائعِ، بَطَلَتِ الشُّفْعةُ؛ لأنَّها اسْتُحِقَّتْ به.


(٣٠) في الأصل: "رضى".
(١) في ب: "ورجوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>