للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معنى قولِ الْخِرَقِىِّ: "سواءٌ تَقَدّمَ العِتْقُ أو تأخَّرَ". ونَصَّ أحمدُ على هذا، فى رِوايةِ صالحٍ: إذا قال: جَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَك. أو صَدَاقَكِ عِتْقَكِ. كلُّ ذلك جائزٌ.

الفصل الثالث: أن لا يكونَ بينهما فَصْلٌ. ولو قال أعْتَقْتُكِ. وسَكَتَ سُكُوتًا يمْكِنُه الكلامُ فيه، أو تَكَلَّمَ بكلامٍ أجْنَبىٍّ، ثم قال: جَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ. لم يَصِحَّ النِّكاحُ؛ لأنَّها صارتْ بالعِتْقِ حُرّةً، فيَحْتاجُ [أن يتَزَوَّجها] (١٦) برِضَاها بصَداقٍ جديدٍ.

الفصل الرابع: أنَّه لابُدَّ من شاهِدَيْنِ إذا قُلْنا باشْتِراطِ الشَّهادةِ فى النِّكاحِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى رِوايةِ الجماعةِ، وذلك لقوله: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِىٍّ وشَاهِدَيْنِ" (١٧).

الفصل الخامس: أنَّه إذا طَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ عليها بنِصْفِ قِيمَتِها؛ لأنَّ الطَّلاقَ قبلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فى نِصْفِ ما فَرَضَ لها، وقد فَرَضَ لها نَفْسَها، ولا سَبِيلَ إلى الرُّجوعِ فى الرِّقِّ بعدَ زَوَالهِ، فيَرْجِعُ (١٨) بنِصْفِ قِيمةِ نَفسِها. وبهذا قال الحسنُ، والحَكَمُ. وقال الأوْزَاعىُّ: يَرْجِعُ برُبْعِ قِيمَتِها. ولَنا، أنَّه طلاقٌ قبلَ الدُّخولِ، فأوْجَبَ الرُّجُوعَ [فى النِّصْفِ] (١٩)، كسائرِ الطَّلاقِ. وتُعْتَبرُ القِيمةُ حالةَ الإِعْتاقِ؛ لأنَّها حالةُ الإِتْلافِ. فإن لم تَكُنْ قادِرةً على نِصْفِ القِيمةِ، فهل تُسْتَسْعَى فيها، أو تكونُ دَيْنًا تُنْظَرُ به إلى حالِ القُدْرةِ؟ على روَايتَيْنِ. وإن قُلْنا: إنَّ النِّكاحَ [لا يَنْعَقِدُ] (٢٠) بهذا القولِ. فعليها قِيمَةُ نَفْسِها؛ لأنَّه أزال مِلْكَه بعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ له، فرَجَعَ إلى قِيمةِ المُفَوَّتِ، كالبَيْعِ الفاسِدِ. وكذلك إن قُلْنا: إن النِّكاحَ انْعَقَدَ به. فارْتَدّتْ قبلَ


(١٦) فى م: "إلى تزويجها".
(١٧) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٤٧.
(١٨) فى أ، ب، م: "فرجع".
(١٩) فى الأصل: "بالنصف".
(٢٠) فى الأصل: "أينعقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>