للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَسْرُوقٍ، والحَسَنِ، وابنِ سِيرِينَ، أَنَّ إِقْرَارَهُ يُقْبَلُ فيما يُقْبَلُ فيه (٨) الأَحْرَارُ الأصْلِيُّون (٩). وبه قال أبو حنيفَةَ؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ أقَرَّ بِنَسَب وَارِثٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ، يُمْكِنُ صِدْقُه فيه، ويُوافِقُ (١٠) المُقَرُّ له فيه، فقُبِلَ، كما لو أقَرَّ مَنْ له أَخٌ بِنَسَبِ ابْنٍ، وبهذا الْأَصْلِ يَبْطُلُ ما ذكَرْتُموه (١١). ولَنا، ما رَوَى الشَّعْبِىُّ، أن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، كتَبَ إِلَى شُرَيْحٍ، أَنْ لا تُوَرَثْ حَمِيلًا، حتى تقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ. رَوَاه سَعيدٌ (١٢). وقال أيضًا (١٢): حَدَّثَنا سفيانُ، عن ابنِ جُدْعَانَ، عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، قال: كَتَبَ عمرُ بنُ الخطَّابِ: أَنْ لَا تُوَرَثْ حَمِيلًا إِلَّا بِبيِّنَةٍ. ولأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ إِسْقاطَ حَقِّ (١٣) مُعْتِقِهِ من مِيراثِه، فلمْ يُقبَلْ، كما لو أَقَرَّ انَّه مَوْلًى لِغَيْرِهِ، [أو أَنَّ] (١٤) غيرَه شَرِيكُهُ فى وَلَائِهِ، وفارَقَ الْإِقْرارَ مِن الحُرِّ الذى له أَخٌ؛ لأَنَّ الْوَلَاءَ نَتِيجَةُ المِلْكِ، فجرى مَجْرَاهُ، ولأَنَّ الْوَلَاءَ ثَبَتَ عن عِوَضٍ، وَالأُخُوَّةَ بخِلافِه، أَلا تَرَى أَنَّه لو قال لِغَيْرِهِ: أَعتِقْ عَبْدَكَ عَنِّى وعلىَّ ثَمَنُه. صَحَّ، وَلَمْ يَثْبُتْ له (١٥) الْوَلاءُ؟ وَإذا ثَبَتَ أنَّه بعِوَضٍ، كان أَقْوَى مِن النَّسَبِ، وإنَّما قَدَّمْنا النَّسَبَ فى المِيرَاثِ لِقُرْبِهِ، لا لِقُوَّتهِ، كما نُقَدِّمُ ذوِى الفُرُوضِ على العَصَبَةِ مع قُرْبِهِم (١٦).

فصل: فإنْ (١٧) كانا مُخْتَلِفَى الدِّين، لم يَثبُتِ النَّسَبُ بإقرارِه (١٨)، وإِنْ لم يتوارَثا؛


(٨) فى م: "من الأحرار".
(٩) فى م: "الأصليين".
(١٠) فى م: "ووافقه".
(١١) فى م: "ذكروه".
(١٢) فى: باب لا يورث الحميل إلا ببينة، من كتاب الفرائض. السنن ١/ ٨٩، ٩٠.
كما أخرجه وكيع، عن شريح، فى: أخبار القضاة ٢/ ١٩١، ١٩٢، ١٩٣.
(١٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١٤) فى م: "فإن".
(١٥) فى أ، ب، م: "إلا".
(١٦) فى الأصل: "قوتهم".
(١٧) فى م: "فإذا".
(١٨) فى م: "بإقرارها".

<<  <  ج: ص:  >  >>