للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقُومَ بِمَا ادَّعَيَاهُ (٣) بَيِّنَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَثْبُتَ النَّسَبُ، وَيُوَرَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَخِيهِ)

وجُملتُه أَنَّ أهلَ الحَرْبِ إذا دَخَلُوا إِلينا مُسْلِمِينَ، أو غير مُسْلِمِينَ، فأَقَرَّ بَعْضُهم بِنَسَبِ بعضٍ، ثَبَتَ نَسَبُهم، كما يَثْبُتُ نَسَبُ أَهلِ دارِ الإِسلام مِن المسلمِين وأَهْلِ الذِّمَّةِ بإِقْرَارِهِمْ، ولأنَّه إِقْرارٌ لا ضَرَرَ على أحدٍ فِيه، فقُبِلَ، كَإِقْرَارِهِمْ بالحُقوقِ المالِيَّةِ، ولا، نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا. وِإنْ كانُوا سَبْيًا، فأقَرَّ بَعْضُهم بنَسَبِ بعضٍ، وقامَتْ بذلك بَيِّنَةٌ من المسلمين، ثَبَتَ أيْضًا، سَواءٌ كان الشَّاهِدُ أَسِيرًا عندَهُم، أو غيرَ أَسِيرٍ. وَيُسَمَّى الوَاحِدُ من هؤلاءِ حَمِيلًا، أىْ مَحْمُولًا، كما يقال للْمَقْتُولِ قَتِيلٌ، ولِلْمَجْرُوحِ جَرِيحٌ؛ لأنَّهُ حُمِلَ من دارِ الكُفْرِ. وقِيلَ: سُمِّىَ حَمِيلًا؛ لِأَنَّه حَمَلَ نَسَبَه على غيرِه. وإِنْ شَهِدَ بِنَسَبِهِ الكُفَّارُ، لم تُقْبَلْ. وعَنْ أحمدَ، رِوايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ شَهادَتَهم فى ذلك تُقْبَلُ؛ لِتَعَذُّرِ شَهادَةِ المسلمين به فى الْغالِب، فأشْبَهَ شَهادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ على الوَصِيَّةِ فى السَّفَرِ، إذ لم يكُنْ غَيْرُهم. والمذهبُ الأَوَّلُ؛ لأَنَّنا إذا لم نَقْبَلْ شَهادَةَ الفاسِقِ، فشَهادَةُ الكافِرِ أَوْلَى، وإِنَّما لم يُقْبَلْ إقْرَارُهم؛ لمَا فى ذلك مِن الضَّرَرِ على المُعْتِقِ (٤)، بتَفْويتِ إرْثِهِ بِالوَلاءِ، على تَقْدِيرِ العِتْقِ. وِإنْ صَدَّقَهما مُعْتِقُهما، قُبِلَ؛ لأنَّ الحَقَّ له. وإِنْ لم يُصَدِّقْهما، ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ بذلك، لم يَرِثْ بعضُهم مِن بعضٍ، ومِيرَاثُ كُلِّ وَاحِدٍ منهما لِمُعْتِقِهِ. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، فيما إذا أَقَرَّ بِنَسَبِ أَبٍ، أَوْ أَخٍ، أَوْ جَدٍّ، أو ابْنِ عَمٍّ. وَإِنْ أقَرَّ بِنَسَبِ ولدٍ (٥)، ففيه ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أحَدُها، لا يُقْبَلُ. والثانى، يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يَسْتَوْلِدَ، فَمَلَكَ الإِقْرارَ به. والثَّالِثُ، إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْتَوْلِدَ بعدَ عِتْقِه، قُبِلَ؛ لِأنَّه يَمْلِكُ الاسْتِيلادَ بعدَ عِتْقِهِ، وإِلَّا لم يُقْبَلْ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُه (٦) قَبْلَ عِتْقِهِ (٧). وَيُرْوَى عن ابنِ مَسْعُودٍ،


(٣) فى الأصل: "ادعيا".
(٤) فى م: "السيد".
(٥) سقط من: أ، م.
(٦) فى م: "يملك".
(٧) فى م زيادة: "أو يستولد قبل عتقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>