للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعْ ثُلُثِى حيثُ يُرِيكَ اللهُ. فله صَرْفُه في أي جِهَةٍ من جِهَاتِ القُرَبِ، رَأَى وَضْعَه فيها، عَمَلًا بمُقْتَضَى وَصِيَّتِه. وذَكَرَ القاضي أنَّه يَجِبُ صَرْفُه إلى الفُقَراءِ والمَساكِينِ، والأَفْضَلُ صَرْفُه إلى فُقَراءِ أقَارِبِه، فإن لم يَجِدْ فإلى مَحَارِمِه من الرَّضَاعِ، فإن لم يكُنْ فإلى جيرَانِه. وقال أصحابُ الشافِعِىِّ: يَجِبُ ذلك؛ لأنَّه رَدَّه إلى اجْتِهَادِه فيما فيه الحَظُّ، وهذا أحَظُّ. ولَنا، أنَّه قد يَرَى غيرَ هذا أهَمَّ منه وأصْلَحَ، فلا يجوزُ تَقْيِيدُه بالتَّحَكُّمِ. ونَقَلَ أبو دَاوُدَ، عن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ عن رَجُلٍ أوْصَى بثُلُثِه في المَساكِينِ، وله أقارِبُ مَحاوِيجُ لم يُوصِ لهم بشيءٍ، ولم يَرِثُوا، فإنَّه يبْدَأُ بهم، فإنَّهم أحَقُّ. قال: وسُئِلَ عن النَّصْرَانِىِّ يُوصِى بثُلُثِه لِلْفُقَراءِ من المُسْلمِينَ، أَيُعْطَى إخْوَتُه وهم فُقَرَاء؟ قال: نعم، هم أحَقُّ، يُعْطَوْنَ خَمْسُونَ دِرْهَما لا يُزَادُونَ على ذلك. يعني لا يُزَادُ كلَّ واحدٍ منهم على ذلك؛ لأنَّه القَدْرُ الذي يَحْصُلُ به الغِنَى.

٩٨١ - مسألة؛ قال: (وَإذَا وَصَّى أنْ يُحَجَّ عَنْهُ بخَمْسِمائَةٍ. فَمَا فَضَلَ رُدَّ فِي الْحَجِّ)

وجملتُه أنَّه أوْصَى [أن يُحَجَّ عنه] (١) بِقَدْرٍ من المالِ، وَجَبَ صَرْفُ جَمِيعِ ذلك في الحَجِّ إذا حَمَلَهُ الثُّلُث؛ لأنَّه وَصَّى بجَمِيعِه في جِهَةِ قُرْبَةٍ، فوَجَبَ صَرْفُه فيها، كما لو وَصَّى به في سَبِيلِ اللهِ، وليس لِلْوَلِىِّ أن يَصْرِفَ إلى من يَحُجُّ أكْثَرَ من نَفَقَةِ المِثْلِ؛ لأنَّه أطْلَقَ (٢) التَّصَرُّفَ في المُعاوَضةِ، فاقْتَضَى ذلك عِوَضَ المِثْلِ، كالتَّوْكِيلِ (٣) في البَيْعِ. ثم لا يَخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ بِقَدْرِ نَفَقَةِ المِثْلِ لِحَجَّةٍ واحِدَةٍ، فيُصْرَفَ فيها. أو ناقِصًا عنها، فيُحَجُّ به من حيثُ يَبْلُغُ، في ظاهِرِ مَنْصُوصِ (٤) أحمدَ، فإنَّه قال، في


(١) سقط من: أ.
(٢) في ازيادة: "له".
(٣) في م: "كالوكيل".
(٤) في الأصل، أ: "نصوص".

<<  <  ج: ص:  >  >>