للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجُزِ المُقاصَّةُ (١١) فيهما بغيرِ تَراضِيهِما بحالٍ، سَواءٌ كان العَرْضُ (١٢) من جِنْسِ حَقِّه، أو غيرِ جنْسِه. وإِنْ تَراضَيا بذلك، لم يَجُزْ أيضًا؛ لأَنَّه بَيْعُ دَيْنٍ بدَيْنِ. وإن قَبَضَ أحَدُهما مِن الآخَرِ حَقَّه، ثم دَفَعَه إلى الآخَرِ عِوَضًا عن مالِه فى ذِمَّتِه، جازَ، إذا لم يكُنِ الثَّابِتُ فى الذِّمَّةِ عن سَلَمٍ، فإِن كان (١٣) ثَبَتَ عن سَلَمٍ، لم يَجُزْ أخْذ عِوَضِه قبلَ قَبْضِه. وفى الجُملةِ إِنَّ حُكْمَ المُكاتَبِ سَيِّدِه فى هذا، حُكْمُ الأجانبِ، إِلَّا على قولِ ابنِ أبى موسى، الذى ذكَرْناه. واللَّه أعلمُ.

١٩٨٨ - مسألة؛ قال: (ولَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ فكَاتَبَتَهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ)

الكلامُ فى هذه المسألةِ فى فَصْلَيْن:

أحدهما: فى وَطْئِها بغيرِ شَرْطٍ، وهو حَرَامٌ. فى قولِ أكْثَرِ أهلِ العلمِ، منهم؛ سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والحسنُ، والزُّهْرِىُّ، ومالِكٌ، واللَّيْثُ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقيل: له وَطْؤُها فى الوَقْتِ الذى لا يَشْغَلُها الوَطْءُ عن السَّعْىِ عمَّا هى فيه؛ لأنَّها مِلْكُ يَمِينِه، فتَدْخُلُ فى عُمومِ قولِه تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (١). ولَنا، أَنَّ الكِتابةَ عَقْدٌ أزَالَ مِلْكَ أسْتِخْدامِها، ومِلْكَ عِوَضِ مَنْفَعةِ بُضْعِها فيما إذا وُطِئَتْ بشُبْهةٍ، فأزَالَ حِلَّ وَطْئِها، كالبَيْعِ، والآيةُ مَخْصُوصةٌ بالمُزَوَّجَةِ، فنَقِيسُ عليها مَحَلَّ النِّزاعِ، ولأنَّ المِلْكَ ههُنا ضَعِيف؛ لأَنَّه قد زالَ عن مَنافِعِها جُمْلةً، ولهذا لو وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ، كان المَهْرُ لها، وتُفارِقُ أُمَّ الوَلَدِ؛ فإِنَّ مِلْكَه باقٍ عليها، وإنَّما يَزُولُ بمَوْتِه، فأشْبَهَتِ المُدَبَّرَةَ والمُوصَى بها، وإنَّما امْتَنَعَ البَيْعُ؛ لأنَّها اسْتَحَقَّتِ العِتْقَ بمَوْتِه اسْتِحْقاقًا لازِمًا، لا يُمْكِنُ زَوَالُه.

الفصل الثانى: إذا شَرَطَ وطْأَها، فله ذلك. وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ. وقال سائِرُ مَنْ ذكَرْنا: ليس له وَطْؤُها؛ لأَنَّه لا يَمْلِكُه مع إطْلاقِ العَقْدِ، فلم يَمْلِكْه بالشَّرْطِ، كما لو


(١١) فى الأصل: "المقاضاة".
(١٢) فى ب، م: "القرض".
(١٣) سقط من: م.
(١) سورة المؤمنون ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>