للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم علىٌّ، وابنُ عَبَّاسٍ، والشَّافِعِىُّ، وغَيْرُهم، لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا. قال أنَسٌ: كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَغْدُو يومَ الفِطْرِ حتى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. رَوَاه البُخَارِىُّ (١). وفي رِوَايَةٍ اسْتَشْهَدَ بها: "وَيَأْكُلُهُنَّ (٢) وَتْرًا" وَرُوِىَ عن بُرَيْدَةَ، قال: كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حتى يُفْطِرَ، ولا يَطْعَمُ يَوْمَ الأضْحَى حتى يُصَلِّىَ. رَوَاهُ الأثْرَمُ، والتِّرْمِذِىُّ (٣)، ولَفْظُ رِوَايَةِ الأثْرَمِ: "حتى يُضَحِّىَ". ولأنَّ يَوْمَ الفِطْرِ يَوْمٌ حَرُمَ فيه الصِّيَامُ عَقِيبَ وُجُوبِه، فاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الفِطْرِ، لإِظْهارِ المُبادَرَةِ إلى طاعَةِ اللهِ تعالى، وامْتِثالِ أمْرِه في الفِطْرِ على خِلافِ العادَةِ، والأضْحَى بخِلافِه. ولأنَّ في الأضْحَى شَرَعَ الأُضْحِيةَ، والأكْلَ منها، فاسْتُحِبَّ أن يكون فِطْرُه على شيءٍ منها. قال أحمدُ: والأضْحَى لا يَأْكُل فيه حتى يَرْجِعَ إذا كان له ذِبْحٌ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل مِن ذَبِيحَتِه (٤)، وإذا لم يكنْ له ذِبْحٌ لم يُبالِ أن يَأْكُلَ.

فصل: والمُسْتَحَبُّ أن يُفْطِرَ على التَّمْرِ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُفْطِرُ عليه، ويَأْكُلُهُنَّ وَتْرًا، [لقولِ أَنَسٍ: ويَأْكُلُهُنَّ وَتْرًا] (٥). ولأنَّ اللَّه تعالى وَتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ، ولأنَّ الصَّائِمَ يُسْتَحَبُّ له الفِطْرُ كذلك.


(١) في: باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج، من كتاب العيدين. صحيح البخاري ٢/ ٢١. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٥٨، بدون الزيادة الأخيرة.
(٢) في م: "ويأكلن" خطأ.
(٣) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الأكل يوم الفطر قبل الخروج، من أبواب العيدين. عارضة الأحوذى ٣/ ١٢. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٥٨. والدارمى، في: باب في الأكل قبل الخروج يوم العيد، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٧٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٦٠.
(٤) أخرجه الدارقطني، في: أول كتاب العيدين. سنن الدارقطني ٢/ ٤٥. والبيهقي، في: باب يترك الأكل يوم النحر حتى يرجع، من كتاب صلاة العيدين. السنن الكبرى ٣/ ٢٨٣.
(٥) سقط من: أ. وتقدم الحديث منذ قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>