للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه طَوَافٌ وسَعْىٌ. فَسَمَّاهُما طَوَافَيْنِ، فإنَّ السَّعْىَ يُسَمَّى طَوافًا؛ قال اللهُ تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (١٦). ويَحْتَمِلُ أنَّه أراد: عليه طَوافَانِ؛ طَوافُ الزِّيَارَةِ، وطَوافُ الوَدَاعِ.

فصل: وإن قَتَلَ القَارِنُ صَيْدًا، فعليه جَزَاءٌ واحدٌ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: إذا قَتَلَ القَارِنُ صَيْدًا، فعليه جَزَاءٌ واحدٌ. وهؤلاء يقولون: فى ذلك جَزَاءانِ. فيَلْزَمُهم أن يقولُوا: فى صَيْدِ الحَرَمِ ثلاثةٌ. لأنَّهم يقولونَ: فى الحِلِّ اثْنَانِ. ففى الحَرَمِ يَنْبَغِى أن يكونَ ثلاثةً. وهذا قولُ مَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: عليه جَزاءانِ. قال القَاضِى: وإذا قُلْنا عليه طَوافَانِ، لَزِمَهُ جَزاءانِ. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (١٧). ومن أوْجَبَ جَزاءَيْنِ، فقد أوْجَبَ مِثْلَيْنِ. ولأنَّه صَيْدٌ واحدٌ، فلم يَجِب فيه جَزَاءانِ، كما لو قَتَلَ المُحْرِمُ فى الحَرَمِ صَيْدًا. ولأنَّه لا يَزِيدُ على مُحْرِمَيْنِ قَتَلَا صَيْدًا، وليس عليهما إلَّا فِدَاءٌ واحدٌ، وكذلك مُحْرِمٌ وحَلالٌ قَتَلَا صَيْدًا حَرَمِيًّا.

فصل: وإن أفْسَدَ القَارِنُ نُسُكَهُ بِالْوَطْءِ، فعليه فِدَاءٌ واحدٌ. وبذلك قال عَطَاءٌ، وابنُ جُرَيْجٍ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. ولا يَسْقُطُ دَمُ القِرَانِ. وقال الحَكَمُ: عليه هَدْيانِ. ويَتَخَرَّجُ لنا أن يَلْزَمَهُ بَدَنَةٌ وشَاةٌ إذا قُلْنا يَلْزَمُه طَوافانِ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن وَطِئ قبلَ الوُقُوفِ، فَسَدَ نُسُكُه، وعليه شَاتانِ لِلْحَجِّ والعُمْرَةِ، ويَسْقُطُ عنه دَمُ القِرَانِ. ولَنا، أنَّ الصَّحابَةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، الذين سُئِلُوا عمَّن أفْسَدَ نُسُكَه، لم يَأْمُرُوه إلَّا بِفِدَاءٍ واحدٍ، ولم يُفَرِّقُوا. ولأنَّه أحَدُ الأنْساكِ الثَّلَاثَةِ، فلم يَجِبْ فى إفْسادِه أَكْثَرُ من فِدْيَةٍ واحدَةٍ، كالآخَرَيْنِ، وسَائِرُ مَحْظُوراتِ الإِحْرَامِ، من اللِّبْسِ والطِّيبِ وغَيْرِهما، لا يَجِبُ فى كل وَاحِدٍ منها (١٨)


(١٦) سورة البقرة ١٥٨.
(١٧) سورة المائدة ٩٥.
(١٨) فى الأصل: "منهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>