للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِ القَاضِى: حُكْمُه حُكْمُ الطَّرِيقِ، لما ذَكَرَه فيما تَقَدَّمَ. وعلى قَوْلِنا، إن كان السَّابَاطُ مُبَاحًا له، مثل أن يكونَ في دَرْبٍ غيرِ نَافِذٍ بإذْنِ أَهْلِه، أو مُسْتَحِقًّا له، أو حَدَثت (٣٠) الطَّرِيقُ بعدَه، فلا بَأْسَ بالصَّلاةِ عليه، وإن كان على طَرِيقٍ نافِذٍ، فليس ذلك له، فيَكُون المُصَلِّي فيه كالمُصَلِّي في المَوْضِعِ المَغْصُوبِ. على ما سَنَذْكُره إن شاء اللهُ تعالى. وإن كان السَّاباطُ على نَهْرٍ تَجْرِى فيه السُّفُنُ، فهو كالسَّاباطِ على الطَّرِيقِ، في القَوْلَينِ جميعا. وهذا يُؤَيِّدُ (٣١) ما ذَكَرْناه (٣٢)؛ لأنَّه لو كانت العِلَّةُ كَوْنَه تابعًا لِلقَرارِ، لجازَتِ الصَّلاةُ ههنا، لِكَوْنِ القَرَارِ غيرَ مَمْنُوعٍ من الصَّلاةِ فيه، بِدلِيلِ ما لو صَلَّى عليه في سَفِينَةٍ، أو لو جَمَدَ ماؤُه فصَلَّى عليه، صَحَّ، ولأنَّه لو كانت العِلَّةُ ما ذَكَرَه لَصَحَّت الصَّلاةُ على ما حَاذَى مَيْمَنَةَ الطَّرِيقِ ومَيْسَرَتَها، وما لا تَقْرَعُهُ الأَقدَامُ منها، وهذا فيما إذا كان السَّطْحُ جارِيًا (٣٣) على مَوْضِع النَّهْيِ (٣٤)، فإن كان المَسْجِدُ سَابِقًا، وجُعِلَ تَحْتَه طَريقٌ أو عَطَنٌ، أو غيرُهما من مَوَاضِع النَّهْي. أو كان في غيرِ مَقْبَرَةٍ فحَدَثَت المَقْبَرَةُ حَوْلَه، لم تُمْنَع (٣٥) الصَّلاةُ فيه، بغيرِ خِلافٍ، لأنَّه لم يَتْبَعْ ما حَدَثَ بَعْدَه، واللهُ أعلمُ.

فصل: وإن بَنَى مَسْجِدًا في المَقْبَرَةِ بين القُبُورِ، فَحُكْمُه حُكْمُها؛ لأنَّه لا يَخْرُجُ بذلك عن أن يكونَ في المَقْبَرَةِ. وقد رَوَى قَتَادةُ: أن أَنَسًا مَرَّ على مَقْبَرَةٍ، وهم يَبْنُونَ فيها مَسْجِدًا، فقال أنَسٌ: كان يُكْرَهُ أن يُبْنَى مَسْجِدٌ في وَسَطِ القُبُورِ.

فصل: ولا تَصِحُّ الفَرِيضَةُ في الكَعْبَةِ، ولا على ظَهْرِها. وجَوَّزَه الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفةَ؛ لأنَّه مَسْجِدٌ، ولأنه مَحَلٌّ لِصَلاةِ النَّفْلِ، فكان مَحَلًّا لِلْفَرْضِ، كخَارِجِها.


(٣٠) في أ، م: "حدث".
(٣١) في م: "مما يدل على".
(٣٢) في أ: "ذكرته".
(٣٣) في الأصل: "حادثا".
(٣٤) في الأصل: "النهر".
(٣٥) في أ: "تمتنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>