للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا يجوزُ الانْتِفاعُ من الغَنِيمَةِ برُكوبِ دَابَّةٍ منها، ولا لُبْسِ ثَوبٍ من ثِيابِها؛ لما رَوَى رُوَيْفِعُ بن ثابِت، قال: لا أقولُ لكم إِلَّا ما سَمِعْتُ من (٩) رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ يومَ خَيْبَرَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً من فَىْءِ الْمُسْلِمينَ، حَتَّى إذا أَعْجَفَها، رَدَّها فِيهِ، ومَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا منْ فَىْءِ المُسْلِمِينَ، حَتَّى إذَا أَخْلَقَهُ، رَدَّهُ فِيهِ". رواه أبو دَاوُد، والأثْرَمُ (١٠). وعن رجلٍ من بَلْقَيْنِ، قال: أَتَيْتُ رَسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بوادِى القُرَى، فقلتُ: ما تقولُ فى الغَنِيمَةِ؟ فقال: "للَّهِ خُمْسُها، وأَرْبَعَةُ أخْمَاسِهَا لِلْجَيْشِ". فقلتُ: فما أحَدٌ أوْلَى به من أَحَدٍ؟ قال: "لَا، وَلَا السَّهْمُ تَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَنْبِكَ أنْتَ أحَقُّ بِهِ مِنْ أخِيكَ الْمُسْلِمِ". روَاه الأَثْرَمُ (١١). ولأنَّ الغَنِيمةَ مشْترَكةٌ بين الغانِمين وأَهْلِ الخُمْسِ، فلم يجُزْ لواحِدٍ الاخْتِصاصُ بمَنْفَعَتِه، كغيرِه من الأمْوالِ المُشْترَكَةِ. فإنْ دَعَت الحاجَةُ إلى القتالِ بسِلاحِهم، فلا بأْسَ. قال أحمد: إذا كان أَنْكَى فيهم، أو خافَ على نفْسِه، فنعم. وذكَر حديثَ سَيْفِ أبى جَهْلٍ، وهو ما رَوَى عبدُ اللَّه بن مسعود، قال: انْتَهَيْتُ إلى أبى جَهْلٍ يومَ بدْرٍ وقد ضُرِبَتْ رِجْلُه، فقلتُ: الحمدُ للَّه الذى أَخْزَاكَ يا أبا جَهْلٍ. فأضْرِبُه بسَيْفٍ معى غيرِ طائلٍ، فوقَعَ سَيْفُه من يَدِه، فأَخَذْتُ سَيْفَه، فضَرَبْتُه بِهِ حَتَّى بَرَدَ. روَاه الأَثْرَمُ. وفى رُكوبِ الفَرَسِ للجهادِ رِوايتان؛ إحداهُما، يجوزُ، كما يجوزُ فى السِّلاحِ. والثانيةُ، لا يجوزُ؛ لأنَّها تتعَرَّضُ للعَطَبِ غالِبًا، وقِيمَتَها كثيرةٌ، بخلافِ السلاحِ.

١٦٨٤ - مسألة؛ قال: (ومَنْ لَقِى عِلْجًا، فَقَالَ لَهُ: قِفْ، أو: أَلْقِ سِلاحَك. فَقَدْ أَمَّنَهُ)

قد تَقَدَّمَ الكلامُ فى مَن يصحُّ أمَّانُه، ونذكُرُ ههُنا صِفَةَ الأمانِ، فالذى ورَدَ به الشَّرْعُ (١)


(٩) سقط من: أ.
(١٠) تقدم تخريجه، فى صفحة ١٢٩.
(١١) وأخرجه البيهقى، فى: باب إخراج الخمس. . .، من كتاب قسم الفىء والغنيمة، وفى: باب أخذ السلاح وغيره بغير إذن الإِمام، من كتاب السير. السنن الكبرى ٦/ ٣٢٤، ٩/ ٦٢.
(١) فى ب: "المشرع".

<<  <  ج: ص:  >  >>