للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجازَه بقولِ اللَّهِ سبحانه: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٩). وقال ابنُ المُنذِرِ: لا يَلْزَمُ مِنَ الجَوَازِ فى غيرِ عَقدٍ، الجوازُ فى المُعاوَضَةِ؛ بدليلِ الرِّبا، حرَّمَه اللَّه فى العَقْدِ، وأجازَه (١٠) فى الهِبَةِ. والحُجَّةُ مع مَن حرَّمَه، وخصوصُ الآيةِ فى التَّحريمِ، يجبُ تقديمُه (١١) على عُمومِ آية الْجَوازِ، معَ ما عَضَدَها من الأخْبارِ. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: فأمَّا إنْ عَضَلَ زوجتَه، وضَارَّها بالضَّرْبِ والتَّضييقِ عليها، أو مَنَعَها حُقوقَها؛ من النَّفقةِ، والقَسْمِ، ونحو ذلك، لتَفتدىَ نفسَها منه (١٢)، ففعلتْ، فالخُلْعُ باطلٌ، والعِوَضُ مردودٌ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عبَّاسٍ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، والقاسمِ بنِ محمدٍ، وعُرْوةَ، وعمرو بنِ شُعَيبٍ، وحُمَيْدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، والزُّهْرِىِّ. وبه قال مالكٌ، والثَّورىُّ، وقَتادةُ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ. وقال أبو حنيفةَ: العَقْدُ صحيحٌ، والعِوَضُ لازمٌ، وهو آثمٌ عاصٍ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}. وقال اللَّه تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (١٣). ولأنَّه عِوَضٌ أُكْرِهَتْ (١٤) على بذلِه بغيرِ حقٍّ، فلم يُسْتَحَقَّ، كالثَّمَنِ (١٥) فى البَيْعِ، والأجْرِ فى الإِجارةِ. وإذا لم يَملِكِ العِوَضَ، وقُلْنا: الخُلعُ طلاقٌ. وقعَ الطَّلاقُ بغيرِ عِوَضٍ، فإنْ كان أقلَّ مِن ثلاثٍ، فله رَجْعَتُها؛ لأنَّ الرَّجعةَ إنَّما سقَطتْ بالعِوَضِ، فإذا سقَطَ العِوَضُ، ثَبتتِ الرَّجعةُ. وإن قُلْنا: هو فسخٌ. ولم


(٩) سورة النساء ٤.
(١٠) فى ب، م: "وأباحه".
(١١) فى أ: "تقديمها".
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) سورة النساء ١٩.
(١٤) فى ب، م: "أكرهن".
(١٥) فى الأصل: "كاليمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>